كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) من كلامه وهي صفات الروح والقلب وذلك بعد التصفية والمداومة على الذكر والفكر ، حتى إذا رجعوا إلى الحضرة (قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) بعد أن كنتم مصدقيها عند خطاب (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) [الأعراف : ١٧٢] وهذا خطاب فيه استبطاء وعتاب وقع قول يحبهم عليه بدل ما ظلموا فهم لا ينطقون كقوله «من عرف الله كل لسانه» (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) جعلنا ليل البشرية سببا لاستجمام القلب ونهار الروحانية بتجلي شمس الربوبية مبصرا يبصر به الحق من الباطل. (وَيَوْمَ يُنْفَخُ) إسرافيل المحبة في صور القلب (فَفَزِعَ) من في سموات الروح من الصفات الروحانية ومن في أرض البشرية من الصفات النفسانية (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) من أهل البقاء الذين أحيوا بحياته وأفاقوا بعد صعقة الفناء وهي النفخة الأولى في بداية تأثير العناية للهداية وإلقاء المحبة التي تظهر القيامة في شخص المحب. وفزع الصفات هيجانها للطلب بتهييج أنوار المحبة (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) وهو الخفي وهي لطيفة في الروح بالقوة وإنما تصير بالفعل عند طلوع شموع الشواهد وآثار التجلي فلا يصيبه الفزع بالنفخة الأولى ولا تدركه الصعقة بالنفخة الثانية (وَتَرَى) جبال الأشخاص (جامِدَةً) على حالها (وَهِيَ تَمُرُّ) بالسير في الصفات وتبديل الأخلاق (مَرَّ السَّحابِ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ) وهي القلب والرب هو الله كما أن رب بلدة القالب هو النفس الأمارة وأنه تعالى حرم بلدة القلب على الشيطان كما قال (يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) [الناس : ٥] دون أن يقول «في قلوب الناس» (سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها) فيه إذا لم ير الآيات لم يمكن عرفانها اللهم اجعلنا من العارفين واكشف عنا غطاءنا بحق محمد وآله صلى الله وسلم عليهم.