سؤال : كيف ساغ لموسى أن يعمل بقول امرأة وأن يمشي معها وهي أجنبية؟ الجواب : العمل بقول الواحد حرا أو عبدا ذكرا كان أو أنثى سائغ في الأخبار ، والمشي مع الأجنبية لا بأس به في حال الاضطرار مع التورع والعفاف ، ويؤيده ما روي أن موسى تبعها فألزقت الريح ثوبها بجسدها فوصفته فقال لها : امشي خلفي وانعتي لي الطريق. قال الضحاك : لما دخل عليه قال له : من أنت يا عبد الله؟ قال : أنا موسى بن عمران بن يصهر ابن قاهث بن لاوى بن يعقوب. (وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) أي المقصوص من لدن ولادته إلى قتل القبطيّ وفراره خوفا من فرعون وملئه فـ (قالَ) له شعيب (لا تَخَفْ) من فرعون أو ضيما (نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فلا سلطان لفرعون بأرضنا (قالَتْ إِحْداهُما) وهي كبراهما اسمها صفراء وكانت الصغرى صفيراء (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) قال النحويون : جعل القوي الأمين اسما لكونه معرفة صريحة أولى من جعل «أفعل» التفضيل المضاف اسما لكونه قريبا من المعرفة ، ولكن كمال العناية صار سببا للتقديم. وورود الفعل وهو (اسْتَأْجَرْتَ) بلفظ الماضي للدلالة على أنه أمر قد جرب وعرف. وقال المحققون : إن قولها هذا كلام حكيم جامع لا مزيد عليه لأنه إذا اجتمعت هاتان الخصلتان أعني الكفاية والأمانة اللتين هما ثمرتا الكياسة والديانة في الذي يقوم بأمرك ، فقد حصل مرادك وكمل فراغك. عن ابن عباس أن شعيبا أحفظته الغيرة فقال : وما علمك بقوّته وأمانته؟ فذكرت إقلال الحجر ونزع الدلو وأنه صوّب رأسه أي خفضه حين بلغته رسالته ، وأنه أمرها بالمشي خلفه فلذلك قال (أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَ) وليس هذا عقدا حتى تلزم الجهالة في المعقود عليها ولكنه حكاية عزم وتقرير وعد ولو كان عقدا لقال أنكحتك ابنتي فلانة. وفي قوله (هاتَيْنِ) دليل على أنه كانت له غيرهما. قال أهل اللغة : (تَأْجُرَنِي) من أجرته إذا كنت له أجيرا فيكون (ثَمانِيَ) حجج ظرفه أو من أجرته كذا إذا أثبته إياه فيكون الثماني مفعولا به ثانيا ومعناه رعية ثماني حجج (فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً) أي عمل عشر حجج (فَمِنْ عِنْدِكَ) أي فإتمامه من عندك لا من عندي إذ هو تفضل منك وتبرع (وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ) الزام أتم الأجلين أو بالتكاليف الشاقة في مدة الرعي ، وإنما أعامل معك معاملة الأنبياء يأخذون بالأسمح ـ بالحاء لا بالجيم ـ قال أهل الاشتقاق : حقيقة قولهم شققت عليه وشق عليه الأمر أنه إذا صعب الأمر فكأنه شق عليه ظنه باثنين يقول تارة أطيقه وتارة لا أطيقه. ثم أكد وعد المسامحة بقوله (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) عموما أو في باب حسن المعاملة. وقوله (إِنْ شاءَ اللهُ) أدب جميل كقول إسماعيل (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات : ١٠٢] أي على الذبح. وفيه أن الاعتماد في جميع الأمور على معونة الله والأمر موكول إلى مشيئته. استدل الفقهاء بالآية على أن العمل قد يكون مهرا كالمال ،