لأهل الضلال وسببا لنيل الرحمة إرادة أن يتذكروا ، ويجوز أن يعود ترجي التذكر إلى موسى. ثم أجمل عظائم أحوال موسى وبين أنه صلىاللهعليهوسلم لم يكن هناك فقال (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِ) أي بجانب المكان الواقع في شق الغرب وهو ناحية الشام التي فيها قضى إلى موسى أمر الوحي والاستنباء. (وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ) على ذلك فقد يكون الشخص حاضرا ولا يكون شاهدا ولا مشاهدا. قال ابن عباس : التقدير لم تحضر ذلك الموضع ولو حضرت فما شاهدت تلك الوقائع فإنه يجوز أن يكون هناك ولا يشهد ولا يرى. ثم قال (وَلكِنَّا أَنْشَأْنا) بعد عهد موسى إلى عهدك (قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) فاندرست العلوم والشرائع ووجب إرسالك إلى آخرهم قرنا وهو القرن الذي أنت فيه ، فأرسلناك وعرّفناك أحوال الأنبياء. وحاصل الآية أنه ذكر سبب الوحي الذي هو إطالة الفترة ودل به على المسبب والغرض بيان إعجازه كأنه قال : إن في إخبارك عن هذه الأشياء من غير حضور ولا مشاهدة ولا تعلم من أهله ، دلالة ظاهرة على نبوّتك. ثم فصل ما أجمل فذكر أوّل أمر موسى وبين أنه صلىاللهعليهوسلم لم يكن هناك وهو قوله (وَما كُنْتَ ثاوِياً) مقيما (فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) وهم شعيب والمؤمنون به (تَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا) قال مقاتل : أي لم تشهد أهل مدين وأنت تقرأ على أهل مكة خبرهم ، ولكنا أرسلناك إلى أهل مكة وأنزلنا عليك هذه الأخبار ولو لا ذلك ما علمتها. وقال الضحاك : يقول يا محمد : إنك لم تكن رسولا إلى أهل مدين تتلو عليهم الكتاب وإنما الرسول غيرك (وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) في كل زمان رسولا فأرسلنا إلى أهل مدين شعيبا وأرسلناك إلى العرب لتكون خاتم الأنبياء. ثم ذكر أوسط أمر موسى وأشرف أحواله وبين أنه لم يكن هناك فقال (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) الأظهر أنه يريد مناداة موسى ليلة المناجاة وتكليمه. وعن بعض المفسرين أنه أراد قوله (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها) إلى قوله (الْمُفْلِحُونَ) [الأعراف : ١٥٦] وقال ابن عباس : إذ نادينا أمتك في أصلاب آبائهم يا أمة محمد أجيبكم قبل أن تدعوني وأعطيكم قبل أن تسألوني وأغفر لكم قبل أن تستغفروني. قال : وإنما قال الله تعالى ذلك حين اختار موسى سبعين رجلا لميقات ربه. وقال وهب : لما ذكر الله لموسى فضل أمة محمد صلىاللهعليهوسلم قال : يا رب أرنيهم. قال : إنك لن تدركهم وإن شئت أسمعتك أصواتهم. قال : بلى يا رب. فقال : يا أمة محمد فأجابوه من أصلاب آبائهم فقال سبحانه : أجبتكم قبل أن تدعوني الحديث كما ذكر ابن عباس. وروى سهل بن سعد أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال في قوله (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) قال : «كتب الله كتابا قبل أن يخلق الخلق بألفي عام ثم وضعه على العرش ثم نادى يا أمة محمد : إن رحمتي سبقت غضبي ، أعطيتكم قبل أن تسألوني ، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني ، من