الصفر. قال الراغبون في الحياة العاجلة (يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) والحظ الجد والبخت. عن قتادة : كانوا مسلمين تمنوا ذلك رغبة في الإنفاق في سبيل الخير. وقال آخرون : كانوا كفارا وقد مر في سورة النساء تحقيق الغبطة والحسد في قوله (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) [النساء : ٢٢] (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) بأحوال الدنيا وأنها عند الآخرة كلا شيء (وَيْلَكُمْ) وأصله الدعاء بالهلاك إلا أنه قد يستعمل في الردع والزجر بطريق النصح والإشفاق ، والضمير في قوله (وَلا يُلَقَّاها) عائد إلى الكلمة المذكورة وهي قوله (ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) أو إلى الصواب بمعنى المثوبة. أو بتأويل الجنة ، أو إلى السيرة والطريقة أي لا يلزم هذه السيرة (إِلَّا الصَّابِرُونَ) على الطاعات وعن الشهوات وعلى ما قسم الله وحكم به من الغنى وضده ، وظاهر حال قارون ينبىء عن أنه كان ذا أشر وبطر واستخفاف بحقوق الله واستهانة بنبيه وكتابه ، فلا جرم خسف الله به وبداره الأرض. إلا أن المفسرين فصلوا فقالوا : كان يؤذي نبي الله موسى وهو يداريه للقرابة التي كانت بينهما حتى نزلت الزكاة فصالحه عن كل ألف دينار على دينار ، وعن كل ألف درهم على درهم ، فحسبه فاستكثر فشحت به نفسه فجمع بني إسرائيل وقال : إن موسى يريد أن يأخذ أموالكم فقالوا : أنت كبيرنا فأمر بما شئت. فقال : ائتوا إلى فلانة البغي حتى ترميه بنفسها في جمع بني إسرائيل فجعل لها ألف دينار أو طستا مملوءا من ذهب. فلما كان يوم عيد قام موسى فقال : يا بني إسرائيل من سرق قطعناه ، ومن افترى جلدناه ، ومن زنى وهو غير محصن جلدناه ، وإن أحصن رجمناه. فقال قارون : وإن كنت أنت؟ قال : وإن كنت أنا. قال : فإن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة. فأحضرت فناشدها موسى بالذي فلق البحر وأنزل التوراة أن تصدق فتداركها الله فقالت : كذبوا بل جعل لي قارون جعلا على أن أقذفك بنفسي فخر موسى ساجدا يبكي وقال : يا رب إن كنت رسولك فاغضب لي فأوحى إليه أن مر الأرض بما شئت فإنها مطيعة لك. فقال : يا بني إسرائيل إن الله قد بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون فمن كان معه فليلزم مكانه ، ومن كان معي فليعتزل فاعتزلوا جميعا غير رجلين. ثم قال : يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى الركب ، ثم قال : خذيهم فأخذتهم إلى الأوساط. ثم قال : خذيهم فأخذتهم إلى الأعناق ، وقارون وأصحابه يتضرعون إلى موسى ويناشدونه بالله والرحم وموسى لا يلتفت إليهم لشدة غضبه. ثم قال : خذيهم فانطبقت عليهم. فأوحى الله إلى موسى ما أفظك! استغاثوا بك مرارا فلم ترحمهم أما وعزتي لو إياي دعوا مرة واحدة لوجدوني قريبا مجيبا. قلت : لعل استغاثته كانت مقرونة بالتوبة وإلا فالعتاب بعيد. ثم إن بني إسرائيل أصبحوا يتناجون بينهم إنما دعا موسى على