القلوب بصدأ الحسبان ورين الكفران ليتوهموا (أَنْ يَسْبِقُونا) بالعدوان عن طريق سنتنا في الانتقام من أهل الحال والإجرام. (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) بالنجاة عن الدركات باتباع الشهوات هيهات هيهات. (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) فإن من رجى عمره في رجاء لقائنا فهو الذي نبيح له النظر إلى جمالنا (وَهُوَ السَّمِيعُ) لأنين المشتاقين العليم بطويات الصادقين. ومن جاهد بالسعي في طلبنا فإنما يجاهد لنفسه لأنها بالتخلية عن الأخلاق الذميمة وبالتحلية بالصفات الحميدة تخلص عن الأمارية وتستأهل للمطمئنية فتستحق لجذبة (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) [الفجر : ٢٨] والذين آمنت قلوبهم بمحبتنا (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ببذل الوجود في طلب جودنا (لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ) سيئات وجودهم المجازي (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ) وجودا حقيقيا أحسن منه (وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي) فيه إشارة إلى أن المريد إذا تمسك بذيل شيخ كامل وتوجه إلى الحضرة بعزيمة من عزائم الرجال فإن منعه الوالدان عن ذلك فعليه أن لا يطيعهما لأنه سبب ولادته في عالم الأرواح وهما سبب ولادته في عالم الأشباح كما قال عيسى عليهالسلام : لن يلج ملكوت السموات والأرض من لم يولد مرتين. فهو أحق برعاية الحقوق منهما. (جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ) فيه أن المؤمن من كف الأذى ، والولي من يتحمل من الخلق الأذى ولا تترشح عنه الشكوى من البلوى كالأرض يلقى عليها كل قبيح فينبت منها كل مليح. والمنافق إذا لم يكن في حماية خشية الله يفترسه خوف الخلق إذا أوذي في الله. (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) فيه أن كافر النفس وصفاته يقولون بلسان الطبيعة الإنسانية لموسى القلب والسر والروح وصفاتهم (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا) في طلب الشهوات الحيوانية (وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) أي ندفع عنكم ضرر ما يرجع إليكم في متابعة شهوات الدنيا وطيباتها (وَما هُمْ بِحامِلِينَ) شيئا (مِنْ خَطاياهُمْ) وهو العمى والصمم والبكم وسائر الصفات النفسانية ، ولكن يحملون أثقالهم هذه الأوقات مع الآفات التي تختص بها والله أعلم بالصواب.
(وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٦) إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١٩) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ