صباحا فأودع في كل صباح خاصية نوع من أنواع عالم الشهادة (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ) سلها من أجناس عالم الشهادة. (ثُمَّ سَوَّاهُ) شخص إنسان جديد المرآة (وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) فصار مرآة قابلة لإراءة صفات جماله وجلاله. ثم تجلى فيها بتجلية صفة السمعية والبصرية والعالمية التي مرآتها السمع والأبصار والأفئدة (ضَلَلْنا) في أرض البشرية (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) وهو المحبة الإلهية بقبض الأرواح من صفات الإنسانية ويميتها عن محبوباتها بجذبة (ارْجِعِي) [الفجر : ٢٨] (ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) بالتوجه إلى حضيض عالم الطبيعة كالأنعام بعد أن كانوا رافعي الرؤوس يوم الميثاق. (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ) همتهم عن مضاجع الدارين (جَنَّاتُ الْمَأْوى) التي هي مأوى الأبرار تكون نزلا للمقربين السائرين إلى الله (كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) لأنه لم يكن لكم به شعور في الدنيا لأنكم كنتم في يوم الغفلة والاشتغال بالمحسوسات (الْعَذابِ الْأَدْنى) إذا وقعت للسالك فترة ووقفة لعجب تداخله أو لملالة وسآمة ابتلاه الله ببلاء في نفسه أو ماله أو مصيبة في أهاليه وأقربائه وأحبابه لعله ينتبه من نوم الغفلة ويدارك أيام العطلة قبل أن يذيقه العذاب الأكبر في الخذلان والهجران فلا تك في مرية من لقائه أي من أنه يرى الرب ببركة متابعتك حين قال : اللهم اجعلني من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم فإن الرؤية مخصوصة بك وبتبعتك لأمتك. ويحتمل أن يكون الخطاب في فلاتك لموسى القلب والضمير في (لِقائِهِ) لله. وجعلنا موسى القلب هدى لبني إسرائيل صفات القلب (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً) هم السر الخفي (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ) الآية. لأنهم عنده أعز من أن يجعل حكمهم إلى أحد من المخلوقين ، ولأنه أعلم بحالهم من غيرهم ولئلا يطلع على أحوالهم غيره لأنه خلقهم للمحبة والرحمة فينظر في شأنهم بنظر المحبة والرضا ، لأنه عفوّ يفيض العفو والجود فتحيا به القلوب الميتة فيسقي حدائق وصلهم بعد جفاف عودها وزوال المأنوس من معهودها (فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً) من الواردات التي تصلح لتربية النفوس وهي الأنعام ، ومن المشاهدات التي تصلح لتغذية القلوب. ويقول المنكرون لهذه الطائفة (مَتى هذَا الْفَتْحُ) أي الفتوح التي تدعونها قل لا ينفعكم ذلك إذ لم تقتدوا بهم ولم تهتدوا بهديهم (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) أيها الطالب بالإقبال علينا وبالله التوفيق.