الضب ثم لم يأكل بقي في النفوس شيء ، وحيث أكل لحم الجمل طاب أكله مع أنه لا يؤكل في بعض الملل وكذلك الأرنب. وقوله (إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً) يفهم منه نفي الحرج عند قضاء الوطر بالطريق الأولى. عن الخليل : قضاء الوطر بلوغ كل حاجة يكون فيها همة وأراد بها في الآية الشهوة. وقيل : التطليق. فلا إضمار على هذا (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) مكونا لا محالة. ومن جملة أوامره ما جرى من قصة زينب ، ثم نزه جانب النبي صلىاللهعليهوسلم عن قالة الناس بقوله (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ) أي قسم وأوجب (لَهُ) و (سُنَّةَ اللهِ) مصدر مؤكد لما قبله أي سن الله نفي الحرج سنة في الأنبياء الذين خلوا فكان من تحته أزواج كثيرة كداود وسليمان وسيجيء قصتهما في سورة ص. ومعنى (قَدَراً مَقْدُوراً) قضاء مقضيا هكذا قاله المفسرون ولعل قوله (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) إشارة إلى القضاء ، وهذا الأخير إشارة إلى القدر وقد عرفت الفرق بينهما مرارا. وفي قوله (وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ) تعريض بما صرح به في قوله (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) والحسيب الكافي للمخاوف أو المحاسب على الصغائر والكبائر فيجب أن لا يخشى إلا هو. ثم أكد مضمون الآي المتقدمة وهو أن زيدا لم يكن ابنا له فقال (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ) فكان لقائل أن يقول : أما كان أبا للطاهر والطيب والقاسم وإبراهيم فلذلك قيل (مِنْ رِجالِكُمْ) فخرجوا بهذا القدر من جهتين : إحداهما أن هؤلاء لم يبلغوا مبلغ الرجال ، وبهذا الوجه يخرج الحسن والحسين أيضا من النفي لأنهما لم يكونا بالغين حينئذ. والأخرى أنه أضاف الرجال إليهم وهؤلاء رجاله لا رجالهم وكذا الحسن والحسين ، أو أراد الأب الأقرب. ومعنى الاستدراك في قوله (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) صلىاللهعليهوسلم هو إثبات الأبوة من هذه الجهة لأن النبي كالأب لأمته من حيث الشفقة والنصيحة ورعاية حقوق التعظيم معه ، وأكد هذا المعنى بقوله (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) لأن النبي إذا علم أن بعده نبيا آخر فقد ترك بعض البيان والإرشاد إليه بخلاف ما لو علم أن ختم النبوة عليه (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) ومن جملة معلوماته أنه لا نبي بعد محمد صلىاللهعليهوسلم ومجيء عيسى عليهالسلام في آخر الزمان لا ينافي ذلك لأنه ممن نبىء قبله وهو يجيء على شريعة نبينا مصليا إلى قبلته وكأنه بعض أمته.
التأويل : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ) أي كان في الأول مقدرا لكم متابعة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتعلقت قدرتنا بإخراج أرواحكم من العدم إلى الوجود عقيب إخراج روح الرسول من العدم إلى الوجود «أول ما خلق الله نوري أو روحي» وبحسب القرب إلى روح الرسول والبعد عنه يكون حال الأسوة ، وكل ما يجري على الإنسان من بداية عمره إلى نهاية عمره من الأفعال والأقوال والأخلاق والأحوال. فمن كان يرجو الله كان عمله خالصا لوجه