الجملتين (الْقُبُورِ) ه (إِلَّا نَذِيرٌ) ه (وَنَذِيراً) ط (نَذِيرٌ) ه (مِنْ قَبْلِهِمْ) ج لاحتمال ما بعده الحال والاستئناف (الْمُنِيرِ) ه (نَكِيرِ) ه.
التفسير : لما بين في آخر السورة المتقدمة انقطاع رجاء الشاك وعدم قبول توبته في الآخرة ذكر في أول هذه السورة حال الموفق المؤمن وبشر بإرسال الملائكة إليهم مبشرين ، وبين أنه يفتح لهم أبواب الرحمة. و (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مبدعهما أو شاقهما لنزول الأرواح من السماء وخروج الأجساد من الأرض يؤيد التفسير الثاني قوله (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) وقوله (وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) [الأنبياء : ١٠٣] و (أُولِي أَجْنِحَةٍ) أي أصحاب أجنحة أراد أن طائفة منهم أجنحة كل منهم اثنان اثنان ، وبعضهم أجنحة كل ثلاثة ثلاثة ، وبعضهم أجنحة كل أربعة أربعة. قال جار الله : الذين أجنحتهم ثلاثة ثلاثة لعل الثالث منها في وسط الظهر بين الجناحين يمدهما بقوة أو لعله لغير الطيران فلقد رأيت في بعض الكتب أن صنفا من الملائكة لهم ستة أجنحة ، فجناحان يلفون بهما أجسادهم ، وجناحان يطيرون بهما في الأمر من أمور الله عزوجل ، وجناحان مرخيان على وجوههم حياء من الله عزوجل. وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه رأى جبرائيل عليهالسلام ليلة المعراج وله ستمائة جناح. وروي أن إسرافيل له اثنا عشر جناحا ، جناح منها بالمشرق ، وجناح بالمغرب ، وإن العرش على كاهله وإنه ليتضاءل لعظمة الله سبحانه وتعالى حتى يعود مثل الوصع وهو العصفور الصغير. ويجوز أن يخالف حال الملائكة حال الطيور في الطيران كالحيوان الذي يدب بأرجل كثيرة ، ويجوز أن يكون البعض للزينة ، ويجوز أن يكون كل جناح ذا شعب. وقال الحكيم : الجناحان إشارة إلى جهتين : جهة الأخذ من الله ، وجهة الإعطاء لمن دونهم بإذن الله كقوله (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) [الشعراء : ١٩٣] (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) [النجم : ٥] (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) [النازعات : ٥] ومنهم من يفعل بواسطة فلهم ثلاث جهات أو أكثر على حسب الوسائط. ثم بين كمال قدرته بقوله (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ) والظاهر أنه عام يتناول كل زيادة في كل أمر يعتبر في الصورة كحسن الوجه والخط والصوت ونحوهما ، أو في المعنى كحصافة العقل وجزالة الرأي وسماحة النفس وذلاقة اللسان وغير ذلك من الأخلاق الفاضلة. ثم أكد نفاذ أمره وجريان الأمور على وفق مشيئته بقوله (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ) الآية. وفيها دلالة على أن رحمته سبقت غضبه من جهة تقديم الرحمة ومن جهة بيان الضمير في القرينة الأولى بقوله (مِنْ رَحْمَةٍ) والإطلاق في قوله (وَما يُمْسِكْ) فيشمل إمساك الغضب وإمساك الرحمة. ومن جهة قوله (مِنْ بَعْدِهِ) أي من بعد إمساكه فيفيد أن الرحمة إذ جاءته لم يكن لها انقطاع وإن ضدّها قد ينقطع وإن كان