وغيرهم ولهذا جاء (وَالسَّماءِ وَما بَناها) [الشمس : ٥] سبحان ما سخركن لنا. ومنها أنه تعالى يصور لهم في النار ملكا على صورة من عبدوه ، وضعف بأن القوم لم يعبدوا تلك الصورة ، وبأن الملك لا يتعذب بالنار كخزنة جهنم. واعلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فقوله (إِنَّ الَّذِينَ) لا يبعد أن يكون عاما لكل المؤمنين ويؤيده ما روي أن عليا قرأ هذه الآية ثم قال : أنا منهم وأبوبكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف. وزعم مثبتوا لعفو أن الحسنى في الآية هي الوعد بالعفو لأنه قال (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) بأزاء قوله (أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) والورود الدخول فالإبعاد الإخراج من النار بعد أن كانوا فيها. وأيضا إبعاد البعيد محال. وقوله (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) إذ الصوت الذي يحس به مخصوص بما بعد الإخراج. وأيضا قوله (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) يفهم منه أنه يحزنهم الفزع الأصغر ، فالأكبر عذاب الكفار والأصغر عذاب صاحب الكبيرة ، والأكثرون على أن المراد من قوله (مُبْعَدُونَ) أنهم لا يدخلون النار ولا يقربونها البتة لأن ما جعل بعيدا عن شيء ابتداء يحسن أن يقال : إنه أبعد عنه ، وهؤلاء لم يفسروا الورود في قوله (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) [مريم : ٧١] بالدخول كما مر في سورة مريم. وفي قوله (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) تأكيد للإبعاد فقد لا يدخل النار ويسمع حسيسها. ثم بين أنهم مع البعد عن المنافي منتفعون بالقرب من الملائم ملتذون به على سبيل التأبيد فقال وهم فيما اشتهته (أَنْفُسُهُمْ) أي فيما تطلبه للالتذاذ به (خالِدُونَ) هذا نصيب أهل الجنة ، وأما أهل الله فهم فيما اشتهت قلوبهم وأرواحهم وأسرارهم خالدون. والفزع الأكبر قيل : النفخة الأخيرة لقوله (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) [النمل : ٨٧] وعن الحسن هو الانصراف إلى النار فإنه لافزع أكبر مما إذا شاهدوا النار ، وهذا أمر يشترك فيه أهل النار جميعا ، ثم مراتب التعذيب بعد ذلك متفاوتة. وعن الضحاك وسعيد بن جبير هو حين تطبق النار على أهلها فيفزعون لذلك فزعة عظيمة ، وقيل : حين يذبح الموت على صورة كبش أملح فعند ذلك يستقر أهل النار في النار وأهل الجنة في الجنة وتستقبلهم الملائكة مهنئين قائلين (هذا يَوْمُكُمُ) أي وقت ثوابكم (الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) ذلك قال الضحاك : هم الحفظة الذين كتبوا أعمالهم. والعامل في (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ) : (لا يَحْزُنُهُمُ) أو (تَتَلَقَّاهُمُ). والسجل اسم للطومار الذي يكتب فيه. وعن ابن عباس أنه ملك يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه وهو مروي أيضا عن علي رضياللهعنه. وروى أيضا أبو الجوزاء عن ابن عباس أنه كاتب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وليس بمعروف. قال الزجاج : هو الرجل بلغة الحبش. فعلى هذه الوجوه فالطي وهو المصدر مضاف إلى الفاعل وعلى الوجه