وتفضيل على غيرها لأن الظاهر عود الضمير إليها فقط. وعن قتادة أن الصوامع للصابئين والبيع للنصارى والصلوات لليهود. قال الزجاج : وهي بالعبرانية صلوتا. وقيل : الصوامع والبيع كلتاهما للنصارى ولكن الأولى في الصحراء والأخرى في البلد ، وإنما أخر متعبد أهل الإسلام لتأخر زمانهم ولا ضير فإن أول الفكر آخر العمل. وقال صلىاللهعليهوسلم «نحن الآخرون السابقون» (١) وتفسير الآية على قول الأكثرين لو لا دفع الله لهدم في شرع كل نبي المكان المعهود لهم في العبادة ، فهدم في زمن موسى الكنائس ، وفي زمن عيسى الصوامع والبيع ، وفي زمن محمد صلىاللهعليهوسلم المساجد. وعلى هذا الوجه إنما رفع عنهم حين كانوا على الحق قبل التحريف والنسخ ، ويحتمل أن يراد لو لا ذلك لاستولى أهل الشرك على أهل الأديان في زمن أمة محمد صلىاللهعليهوسلم من المسلمين وأهل الكتاب الذين في ذمتهم ، وهدموا المتعبدات بأسرها. وعلى هذا الوجه إنما دفع عن سائر أهل الأديان لأن متعبداتهم يجري فيها ذكر الله في الجملة ليست بمنزلة بيوت الأصنام. ثم عزم على نفسه نصرة من ينصر دينه وأولياؤه وأكد ذلك بقوله (إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) ومعنى القوة والعزة أنه لا يمتنع شيء من نفاذ أمره فيه مع أنه لا يتأثر عن شيء أصلا. ونصرة الله العبد تقويته على أعدائه ووضع الدلائل على ما يفيده في الدارين ونفث روح القدس بأمره داعية الخير والصلاح في روعه. ثم أتبع قوله الذين أخرجوا قوله. (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ) وقيل : هو بدل من قوله (مَنْ يَنْصُرُهُ) وهو إخبار منه عزوجل عما ستكون عليه سيرة المهاجرين إذا مكنهم في الأرض وبسط لهم الدنيا. وعن عثمان : هذا والله ثناء قبل بلاء ، أراد أن الله تعالى قد أثنى عليهم قبل أن يحدثوا في شأن الدين وإعلائه ما أحدثوا. قيل : إنه مخصوص من المهاجرين بالخلفاء الراشدين لأنه تعالى لم يعط التمكين ونفاذ الأمر مع السيرة العادلة غيرهم. وعن الحسن أنهم أمة محمد صلىاللهعليهوسلم. وعلى هذا فتمكينهم هو إبقاؤهم إلى أوان التكليف ، وقد يشمل الأطفال أيضا إذا ماتوا قبل البلوغ لقوله الله أعلم بما كانوا عاملين. ثم ختم الآية بقوله (وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) أي مرجعها ومصيرها إلى حكمه وتقديره وقد أراد تمكين أهل هذا الدين في كل حين فيقع لا محالة.
التأويل : (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) القلب سواء فيه من سبق إليه مدة طويلة والذي يصل إليه في الحال لأفضل إلا بسبق مقامات القلب ومنازله (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ) الروح مكان بيت القلب (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) عن غيري وهو كل ما فيه حظ النفس دون
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب الوضوء باب ٦٨. مسلم في كتاب الجمعة حديث ١٩ ، ٢١. النسائي في كتاب الجمعة باب ١. الدارمي في كتاب المقدمة باب ٨.