(عَمِلُوا) ج لأن الواو تكون مقحمة ويتصل اللام بما قبله وقد يكون المعلل محذوفا كأنه قيل: وليوفيهم أعمالهم قدّر جزاءهم على مقادير أعمالهم (لا يُظْلَمُونَ) ه ط لتقدير القول وهو العامل في يوم (بِها) ج لابتداء التهديد مع الفاء (تَفْسُقُونَ) ه.
التفسير: إنما كرر تنزيل الكتاب لأنه بمنزلة عنوان الكتب ثم ذكر ما أنزل فقال (ما خَلَقْنَا) إلى قوله (وَأَجَلٍ مُسَمًّى) وقد مر في أوّل «الروم» أنه الوقت الذي عينه لإفناء الدنيا. وحين بين الدليل على وجود الإله ووقوع الحشر فرع عليه الردّ على عبدة الأوثان بقوله (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) وقد مر في «فاطر». والمراد أنهم لا يستحقون العبادة أصلا لأنهم ما خلقوا شيئا في هذا العالم لا في الأرض ولا في السماء ، ولم يدل وحي من الله على عبادتهم لأن هذا القرآن ناطق بالتوحيد وإبطال الشرك وما من كتاب قبله إلا هو ناطق بمثل ذلك. فقوله (ائْتُونِي) من باب إرخاء العنان وتوسيع المجال على الخصم أي إن كنتم في شك مما قلت فقد أمهلتكم حتى تأتوني بعد الاستقراء (بِكِتابٍ) فيه شيء من ذلك (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) قال الواحدي: كلام أهل اللغة في تفسير هذا الحرف يدور على ثلاثة أوجه: أحدها البقية من قولهم «سمنت الناقة على إثارة من شحم» أي على بقية شحم كانت بها من شحم ذاهب. والثاني أنه من الأثر بمعنى الرواية. والثالث من الأثر بمعنى العلامة والمراد ما بقي أو روي عن أسلافهم ويعدّونه علما. عن ابن عباس مرفوعا أنه الخط. قال: كان نبي من الأنبياء يخط فمن صادف مثل خطه علم علمه. ثم زاد في تبكيتهم وتوبيخهم بقوله (وَمَنْ أَضَلُ) الآية. وبالجملة فالدليل الأوّل دل على نفي القدرة عنهم من كل الوجوه ، وهذا الدليل دل على نفي العلم عنهم من كل الوجوه ، فإذا انتفى العلم والقدرة عن الجسم لم يكن إلا جمادا وعبادة الجماد محض الضلال. وقوله (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) تأبيد على عادة العرب ، ويحتمل أن يكون توقيتا بدليل قوله (وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً) وهذا التبري والتخاطيب نوع من الاستجابة. ثم قرر غاية عنادهم بقوله (وَإِذا تُتْلى) ثم عجب من حالهم بقوله (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) الآية أي إن كذبت على الله كما زعمتم عاجلني بالعقوبة فلا تقدرون على دفع عذابه عني فأي فائدة لي في الافتراء. ثم فوّض أمرهم إلى الله قائلا (هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ) أي تتدفعون فيه من القدح في الوحي ، وتسميته سحرا تارة وافتراء أخرى وفي قوله (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) إشارة إلى أنهم لو رجعوا إلى الحق وتابوا عن الشرك قبل الله توبتهم ، وفيه إشعار بحلم الله عنهم مع عظم ما ارتكبوه. ثم أراد أن يزيل شبهتهم بنوع آخر من البيان فقال (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً) هو بمعنى البديع كالخف بمعنى الخفيف أي لست بأوّل رسول أرسله الله ولا جئتكم بأمر بديع