أن يكون قوله (وَاسْتَكْبَرْتُمْ) معطوفا على قوله (فَآمَنَ). ويجوز أن يكون الواو في (وَشَهِدَ) للحال بإضمار «قد». قال: وقد جعل الإيمان في قوله (فَآمَنَ) مسببا عن الشهادة لأنه لما علم أن مثله أنزل على موسى وأنصف من نفسه اعترف بصحته وآمن. القول الثاني ما ذكر الشعبي في جماعة أن السورة مكية وقد أسلم ابن سلام بالمدينة ، فالشاهد هو موسى وشهادته هو ما في التوراة من بعث محمد صلىاللهعليهوسلم وإيمانه تصديقه ذلك. القول الثالث أن الشاهد ليس شخصيا معينا وتقدير الكلام لو أن رجلا منصفا عارفا بالتوراة أقر بذلك واعترف به ثم آمن بمحمد واستكبرتم أنتم ، ألم تكونوا ظالمين ضالين؟ والمقصود أنه ثبت بالمعجزات القاهرة أن هذا الكتاب هو من عند الله ، وثبت بشهادة الثقات أن التوراة مشتملة على البشارة بمقدم النبي صلىاللهعليهوسلم ، ومع ثبوت هذين الأمرين كيف يليق بالعاقل إنكار نبوته؟ ثم ذكر شبهة أخرى لهم وهي أنهم قالوا (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أي لأجلهم وفي حقهم (لَوْ كانَ) ما أتى به محمد (خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) وقيل: اللام كما في قولك «قلت له». وضعف بأنه لو كان كذلك لقيل ما سبقتمونا إليه. وأجيب بأنه وارد على طريقة الالتفات ، أو المراد أن الكفار لما سمعوا أن جماعة آمنوا برسول الله صلىاللهعليهوسلم خاطبوا جماعة من المؤمنين الحاضرين بأنه لو كان هذا الدين خيرا لما سبقنا إليه أولئك الغائبون. قال المفسرون: لما أسلمت جهينة ومزينة وأسلم وغفار قالت بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع: لو كان ما دخل فيه هؤلاء من الدين خيرا ما سبقونا إليه ، ونحن أرفع منهم حالا وأكثر مالا وهؤلاء رعاة الغنم. وقيل: قاله أغنياء قريش للفقراء المؤمنين كعمار وصهيب وابن مسعود. وقيل: هم اليهود قالوه عند إسلام عبد الله بن سلام وأصحابه. والعامل في قوله (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ) محذوف وهو ظهر عنادهم وذلك أن «إذ» للمضي ، والسين للاستقبال وبينهما تدافع. والإفك القديم كقولهم أساطير الأوّلين. وقيل: كذب ككذب عيسى عليهالسلام قوله (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) خبر ومبتدأ وقوله (إِماماً) أي قدوة يؤتم به في أصول شرائع الله ، نصب على الحال كقولك «في الدار زيد قائما». وقوله (لِساناً عَرَبِيًّا) حال من ضمير الكتاب في (مُصَدِّقٌ) أي لما بين يديه وهو العامل فيه ويجوز أن يكون حالا من (كِتابُ) لأنه موصوف والعامل معنى الإشارة. وجوز أن يكون مفعولا لـ (مُصَدِّقٌ) على حذف المضاف أي يصدّق ذا لسان عربي هو الرسول. قوله (وَبُشْرى) معطوف على محل لتنذر لأنه مفعول له. وحين قرر دلائل التوحيد والنبوة وذكر شبه المنكرين مع أجوبتها ، أراد أن يذكر طريقة المحقين فقال (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا) الآية. وقد مر في «حم السجدة» إلا أنه رفع واسطة الملائكة هاهنا من البين. ثم إن أعظم