المالكية قائلا (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) وقد مر في «الأنعام». ثم أكده بقوله (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وهو كقوله في «الأنعام» (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ) [الآية: ٥٩] والمقاليد المفاتيح أيضا فقيل: لا واحد لها من لفظها. وقيل: مقليد أو مقلد أو إقليد. والظاهر أنه في الأصل فارسي والتعريب جعله من قبيل العربي. ويروى أنه سأل عثمان رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن تفسير الآية فقال: يا عثمان ما سألني عنها أحد قبلك ، تفسير المقاليد لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله وبحمده وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ، هو الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. وقال العلماء: يعني أن هذه الكلمات مفاتيح خيرات السموات والأرض وقد يوحد الله بها ويمجد. قال أهل العرفان: بيده مفاتيح خزائن اللطف والقهر ، فيفتح على من يشاء أبواب خزائن لطفه في قلبه فتخرج ينابيع الحكمة وجواهر الأخلاق الحسنة وللآخر بالضد. قال في الكشاف قوله (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) متصل بقوله (وَيُنَجِّي) وما بينهما اعتراض دل على أنه خالق الأشياء كلها مهيمن عليها ، لا يخفى عليه أعمال المكلفين وجزاؤها فإن كل شيء في السموات والأرض فإن مفتاحه بيده. هذا والظاهر أنه لا حاجة إلى هذا التقدير البعيد حتى يعطف جملة اسمية على جملة فعلية. والأقرب أنه لما وصف نفسه بصفات المالكية والقدرة ذكر بعده (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بدلائل ملكه وملكه مع كونها ظاهرة باهرة فلا أخسر منهم لأنهم عمي في الدارين فاقدون لأشرف المطالب ولذلك وبخ أهل الشرك بقوله (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ) أي قل لهم بعد هذا البيان أفغير الله وهو منصوب بـ (أَعْبُدُ) و (تَأْمُرُونِّي) اعتراض والمعنى أفغير الله (أَعْبُدُ) بأمركم. وذلك أن المشركين دعوه إلى دين آبائه. وجوز جار الله: أن ينصب بما يدل عليه جملة قوله (تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) لأنه في معنى تعبدونني غير الله وتقولون لي اعبد. والأصل تأمرونني أن أعبد فحذف أن ورفع الفعل. ويمكن أن يعترض عليه بأن صلة «أن» كيف تتقدّم عليه. ويحتمل أن يجاب بأن العامل هو ما دل عليه الجملة كما قلنا لا قوله أن أعبد وقيل: التقدير أفبعبادة غير الله تأمروني؟. وقوله (أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) لا يكون أليق بالمقام منه لأنه لا جهل أشدّ من جهل من نهى عن عبادة أشرف الأشياء وأمر بعبادة أخس الأشياء. ثم هددّ الأمة على الشرك مخاطبا نبيه بقوله (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) من الأنبياء مثله (لَئِنْ أَشْرَكْتَ) فاقتصر على الأول ويجوز أن يراد ولقد أوحى إليك وإلى كل واحد ممن قبلك لئن أشركت كما تقول: كسانا حلة أي كل واحد منا وقد مر نظير هذه الآية بقوله (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) [البقرة: ١٢٠] وبينا أن ذلك على سبيل الفرض والشرطية لا حاجة في صدقها إلى صدق جزأيها ، أو المراد الأمة كما قلنا. وفي قوله (وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) إشارة إلى أن منصب النبوة