آخره. كقوله (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ) [الحجر: ٦٦] وقد يقال: تم الكلام عند قوله (ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ) ثم ابتدأ (مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ) لما روى أنه مكتوب في الإنجيل: سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر عرفوا إلى بني إسرائيل بهذا الوصف ليعرفوهم إذا أبصروهم. والشطء بالتسكين والتحريك فراخ الزرع التي تنبت إلى جانب الأصل ، ومنه شاطئ النهر. (فَآزَرَهُ) من المؤازرة المعاونة. ويجوز أن يكون أفعل من الأزر القوة أي أعان الزرع الشطء أو بالعكس. (فَاسْتَغْلَظَ) الزرع أو الشطء أي صار من الرقة إلى الغلظ (فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ) فاستقام على قصبته أي تناهى وصار كالأصل بحيث يعجب الزارعين. والسوق جمع ساق وقد يخص الساق بالشجر فيكون ساق الزرع مجازا مستعارا. ووجه التشبيه أن النبي صلىاللهعليهوسلم خرج وحده ثم أتبعه من هاهنا قليل ومن هاهنا حتى كثروا وقوي أمرهم. وقوله (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) تعليل لوجه التشبيه أو للتشبيه أي ضرب الله ذلك المثل وقضى وحكم بذلك ليغيظ بمحمد صلىاللهعليهوسلم وأصحابه كفار مكة والعجم. وقيل: هذا الزرع يغيظ بكثرته الكفار أي سائر الزرّاع الذين ليس لهم مثل زرعهم وفيه بعد ، ولكن الكلام لا يخلو عن فصاحة لفظية من قبل المناسبة بين الزراع والكفار لاشتراكهما بالجملة في معنى من المعاني وإن لم يكن مقصودا هاهنا. وذهب بعض المفسرين إلى أن قوله (وَالَّذِينَ مَعَهُ) أبو بكر (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) عمر (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) عثمان (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) علي عليهالسلام (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) طلحة والزبير (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ) سعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة ابن الجراح. وعن عكرمة: أخرج شطأه بأبي بكر فآزره بعمر فاستغلظ بعثمان فاستوى على سوقه بعليّ. وقوله (مِنْهُمْ) لبيان الجنس. ويجوز أن يكون قوله (لِيَغِيظَ) تعليلا للوعد لأن الكفار إذا سمعوا بما أعدّ لهم في الآخرة مع ما حصل لهم في الدنيا من الغلبة والاستعلاء غاظهم ذلك والله أعلم.