كونها محكمة البنيان. وفي قوله (بِأَيْدٍ) أي بقوة تأكيد لذلك. وفي قوله (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) مزيد تأكيد والمعنى لقادرون من الوسع الطاقة والموسع القوي على الإنفاق ومنه قال الحسن: أراد إنا لموسعون الرزق بالمطر. وقيل: جعلنا بين السماء وبين الأرض سعة. وإنما أطلق الفرش على الأرض ولم يطلق البناء لأنها محل التغييرات كالبساط يفرش ويطوى (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ) من الحيوان (خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) ذكرا وأنثى. وعدد الحسن أشياء كالسماء والأرض والليل والنهار والشمس والقمر والبر والبحر والموت والحياة. قال: كل اثنين منها زوج والله تعالى فرد لا مثل له. وقد يدور في الخلد أن الآية إشارة إلى أن كل ما سوى الله تعالى فإنه مركب نوع تركيب لا أقل من الوجود والإمكان أو الجنس والفصل أو المادة والصورة ولذلك قال (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) له إرادة ترقيكم من المركب إلى البسيط ومن الممكن إلى الواجب ومن المصنوع. وإذا عرفتم الله (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) أي التجئوا إليه ولا تعبدوا غيره أمر بالإقبال عليه وبالإعراض عما سواه. وكرر قوله (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) للتأكيد. وبعد توضيح البيانات وذكر القصص وتقرير الدلائل سلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقوله (كَذلِكَ) أي الأمر مثل الذي تقرر من تكذيب الرسل وإصرار الكفرة على الإنكار والسب. ثم فسر ما أجمله بقوله (ما أَتَى) إلى آخره وقوله (أَتَواصَوْا بِهِ) استفهام على سبيل التعجب من تطابق آرائهم على تكذيب أنبيائهم. ثم أضرب عن ذلك لأن تطابق المتقدم والمتأخر على أمر واحد غير ممكن فنبه على جلية الحال قائلا (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) يعني أن اشتراك علة التكذيب وهو الطغيان أشركهم في المعلول (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) فإن تكذيبهم لا يوجب ترك الدعوة العامة (فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ) على إعراضك عنهم بعد التبليغ لأنك قد بذلت مجهودك واستفرغت وسعك (وَذَكِّرْ) مع ذلك (فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) أراد أن الإعراض عن طائفة معلومة لعدم قابليتهم لا يوجب ترك البعض الآخر. ثم بين الغاية من خلق الثقلين وهي العبادة. وللمعتزلة فيه دليل ظاهر على أن أفعال الله معللة بغرض. وقال أهل السنة: إن العبادة المعرفة والإخلاص له في ذلك فإن المعرفة أيضا غاية صحيحة ، وإنما الخلاص عن الإشكال بما سلف مرارا أن استتباع الغاية لا يوجب كون الفعل معللا بها ، وإذا لم يكن الفعل معللا بذلك فقد يكون الفعل ، وتتخلف الغاية لمانع كعدم قابلية ونحوه. ثم ذكر أنه خلقهم ليربحوا عليه لا ليربح هو عليهم. والمتين الشديد القوة. ثم هدد مشركي مكة وأضرابهم بقوله (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً) أي نصيبا من العذاب (مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ) المهلكين ، والذنوب في الأصل الدلو العظيمة قال أهل البيان: وهذا تمثيل وأصله من تقسيم الماء يكون لهذا دلو ولهذا دلو. واليوم الموعود القيامة أو يوم بدر.