وقصد المحاسبة. ثم هدد الثقلين بأنهم لا يستطيعون الهرب من أحكامه وأقضيته فيهما. نفذ من الشيء إذا خلص منه كالسهم ينفذ من الرمية. وأقطار السموات والأرض نواحيهما. واحدها قطر. وهو في الهندسة عبارة عن الخط المنصف للدائرة. والسلطان القوة والغلبة ، أراد أنه لا مفر من حكمه إلا بتسلط تام ولا سلطان فلا مفر. قال الواحدي: أراد أنه لاخلاص من الموت. ويحتمل أن يخص هذا بيوم الجزاء المشار إليه بقوله (سَنَفْرُغُ لَكُمْ) ويؤيده ما روي أن الملائكة تنزل فتحيط بجميع الخلائق فإذا رآهم الجن والإنس هربوا فلا يأتون وجها إلا وجدوا الملائكة أحاطت به ، ويعضده قوله عقيبه (يُرْسَلُ عَلَيْكُما) الآية. جاء في الخبر: يحاط على الخلق بلسان من نار ثم ينادون يا معشر الجن والإنس الآية. وذلك قوله (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ) وهو اللهب الذي لا دخان له معه. وقرأ ابن كثير بكسر الشين لغة أهل مكة يقولون صوار بالضم والكسر. والنحاس الدخان. ومن قرأ بالرفع فمعناه يرسل عليكما هذا مرة وهذا مرة. ويجوز أن يرسلا معا من غير أن يمزج أحدهما بالآخر. ومن قرأ بالجر فبتقدير وشيء من نحاس. وعن أبي عمرو أن الشواظ يكون من الدخان أيضا. وقيل: هو الصفر المذاب يصب على رؤوسهم. وعن ابن عباس: إذا خرجوا من قبورهم ساقهم شواظ إلى المحشر (فَلا تَنْتَصِرانِ) فلا تمتنعان (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ) لنزول الملائكة (فَكانَتْ وَرْدَةً) أي حمراء (كَالدِّهانِ) وهو جمع الدهن أو اسم ما يتدهن به كالحزام والإدام شبهها بدهن الزيت كقوله (كَالْمُهْلِ) [المعارج: ٨] وهو دردي الزيت. وقيل: الدهان الأديم الأحمر. عن ابن عباس: نصير كلون الفرس الورد. وقيل: تحمر احمرار الورد ثم تذوب ذوبان الدهن. وقال قتادة: هي اليوم خضراء ولها يوم القيامة لون آخر يضرب إلى الحمرة. والفاء في قوله (فَإِذَا) للتعقيب وفي (فَكانَتْ) للعطف ، والجواب محذوف كما سيجيء في قوله (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) [الانشقاق: ١] والمراد أنهما لا ينتصران حين إرسال الشواظ عليهما فحين تنشق السماء وصارت الأرض والجو والهواء كلها نارا وتذوب السماء كما يذوب النحاس الأحمر كيف تنتصران؟ ويمكن أن يكون وجه تشبيه السماء يومئذ بالدهن هو الميعان والذوبان بسرعة وعدم رسوب الخبث كخبث الحديد ونحوه ، والغرض بيان بساطة السماء وأنه لا اختلاف للأجزاء فيها. (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) وضع الجان الذي هو أبو الجن موضع الجن كما يقال هاشم ويراد ولده. والضمير في (ذَنْبِهِ) عائد إلى الإنس لأن الفاعل رتبته التقديم وكأنه قيل: لا يسأل بعض الإنس عن ذنبه ولا بعض الجن. والجمع بين هذه الآية وبين قوله (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ) [الحجر: ٩٢] هو ما مرّ من أن المواطن مختلفة ، أو لا يسأل سؤال