آمن به وكان بعده. وروى الواحدي في تفسيره بإسناده عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «جميع الثلتين من أمتي» وأجاب بعضهم بأنه لما نزلت الآية الأولى شق على المسلمين فما زال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يراجع ربه حتى نزلت (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) وزيفت هذه الرواية بظهور ورود الآية الأولى في السابقين والثانية في أصحاب اليمين ، وبأن النسخ لا يتضح بل لا يصح في الأخبار ، وبأن الآية الأولى لا توجب الحزن ولكنها تقتضي الفرح من حيث إنه إذا كان السابقون في هذه الأمة موجودين وإن كانوا قليلين وقد صح أنه لا نبي بعد محمد صلىاللهعليهوسلم لزم أن يكون بعض الأمة مع محمد صلىاللهعليهوسلم سابقين فيكونون في درجة الأنبياء والرسل الماضين ، ولعل في قوله «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل» إشارة إلى هذا. وأقول: عندي أن الجواب الصحيح هو أن السابقين في الأمم الماضية يجب أن يكونوا أكثر لأن فيض الله سبحانه المقدر للنوع الإنساني إذا وزع على أشخاص أقل يكون نصيب كل منهم أوفر مما لو قسم على أشخاص أكثر ، ولعلنا قد كتبنا في هذا المعنى رسالة وعسى أن يكون هذا سببا لخاتمة نبينا صلىاللهعليهوسلم أما أصحاب اليمين وهم أهل الجنة كما قلنا فإنهم كثيرون من هذه الأمة لأنهم كل من آمن بالله ورسوله وعمل صالحا هذا ما سنح في الوقت والله تعالى أعلم بمراده.
ثم وصف حال المقربين بقوله (عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) قال المفسرون: أي منسوجة بقضبان الذهب مشبكة بالدر والياقوت وقد دوخل بعضها في بعض كما توضن حلق الدرع أي استقروا على السرر (مُتَّكِئِينَ) وقوله (وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) أي غلمان لا يهرمون ولا يغيرون قال الفراء: والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط إنه لمخلد. قال: ويقال مخلدون مقرطون من الخلدة وهو القرط. وقيل: هم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ، ولا سيئات فيعاقبوا عليها. قال جار الله: روي هذا عن علي رضياللهعنه. والحسن قال الحديث «أولاد الكفار خدام أهل الجنة» والأكواب الأقداح المستديرة الأفواه ولا آذان لها ولا عري ، والأباريق ذوات الخراطيم الواحد إبريق وهو الذي يبرق لونه من صفائه. والباقي مفسر في «الصافات» إلى قوله (مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ) أي يختارون تخيرت الشيء أخذت خيره ، قال ابن عباس: يخطر على قلبه الطير فيصير ممثلا بين يديه على ما اشتهى. ومن قرأ (وَحُورٌ عِينٌ) بالرفع فمعناه ولهم أو عندهم حور. ومن خفضهما فعلى العطف المعنوي أي يكرمون أو يتنعمون بأكواب وبكذا وكذا. والكاف في قوله (كَأَمْثالِ) للمبالغة في التشبيه. قوله (جَزاءً) مفعول له أي يفعل بهم ذلك لأجل الجزاء. قوله (وَلا تَأْثِيماً) أي لا يقول بعضهم لبعض أثمت لأنهم لا يتكلمون بما فيه إثم. وانتصب (سَلاماً) على