قتادة. وقيل: آخر حشرهم اجلاء عمر إياهم من خيبر إلى الشام. وقيل: معناه لأول ما حشر بقتالهم لأنه أول قتال قاتلهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قال في الكشاف: الفرق بين النظم الذي جاء عليه وبين قول القائل «وظنوا أن حصونهم تمنعهم أو مانعتهم» هو أن في تقديم الخبر على المبتدأ دليلا على فرط وثوقهم بحصانتها ، وفي نصب ضميرهم اسما لأن إسناد الجملة إليه دليل على أنهم اعتقدوا عزة أنفسهم ومنعتها بحيث لا يمكن لأحد أن يتعرض لهم. قلت: حاصل كلامه رضياللهعنه الحصر. ومعنى إتيان الله إتيان أمره وهو النصر إن عاد إلى اليهود وهذا أظهر ليناسب قوله تعالى (فِي قُلُوبِهِمُ) ولاستعمال القرآن نظيره في مواضع أخر في معرض التهديد (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) [البقرة: ٢١٠] (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) [الأنعام: ١٥٨] ومعنى (لَمْ يَحْتَسِبُوا) أنه لم يخطر ببالهم قتل كعب غيلة على يد أخيه. وقذف الرعب في قلوبهم وهذا من خواص نبينا صلىاللهعليهوسلم كما مر في آل عمران (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) [آل عمران: ١٥١] وفي لفظ القذف زيادة تأكيد ولهذا قالوا في صفة الأسد «مقذف» فكأنما قذف باللحم قذفا لاكتنازه وتداخل أجزائه. قال الفراء (يُخْرِبُونَ) بالتشديد يهدمون ، وبالتخفيف يخرجون منها ويتركونها. وكان أبو عمرو ويقول: الإخراب أن يترك الشيء خرابا ، والتخريب الهدم ، وبنو النضير خربوا وما أخربوا. وزعم سيبويه أنهما يتعاقبان في بعض الأحكام نحو «فرحته» و «أفرحته» و «حسنه الله» و «أحسنه». قال المفسرون: إنهم لما أيقنوا بالجلاء حسدوا المسلمين أن يسكنوا منازلهم فجعلوا يخربونها من داخل والمسلمون من خارج. قلت: ويحتمل أن يكون بعض التخريب لسدّ أفواه الازقة بالخشب والحجارة أو لنقل ما أرادوا حمله من جيد الخشب والساج. وأما المؤمنون فداعيهم إلى ذلك إزالة تحصنهم أو أن يتسع لهم في الحرب مجال ، ومعنى تخريبهم بأيدي المؤمنين أنهم كانوا السبب فيه وأنهم عرضوا المؤمنين لذلك. ثم أمر أهل الابصار الباطنة بالاعتبار وهو العبور والمجاوزة من شيء إلى شيء ، ومنه العبرة لأنها تنتقل من العين إلى الخد ، والتعبير لأن صاحبه ينتقل من المتخيل إلى المعقول ، والعبارة لأنها تنقل المعاني من لسان القائل إلى فهم المستمع ، والسعيد من اعتبر بغيره لأنه ينتقل عقله من حال ذلك الغير إلى حال نفسه ، أو القائس يعبر عن المقيس عليه إلى المقيس. ومعنى الاعتبار في الآية أنهم اعتمدوا على حصونهم وعدّتهم فأمر الله تعالى أرباب العقول بأن ينظروا في حالهم ولا يعتمدوا على شيء غير الله ، أو المراد أن يعرف الإنسان عاقبة الكفر والغدر والطعن في النبوّة فإن أولئك اليهود وقعوا بشؤم الغدر والكفر في البلاء والجلاء. واعترض بأن رب شخص وكفر وما عذب في الدنيا ، ورب