التفسير: في الأميين منسوب إلى أمة العرب أو إلى أم القرى. وقد مر سائر الوجوه في «الأعراف» في قوله (النَّبِيَّ الْأُمِّيَ) [الآية: ١٥٧] وباقي الآية مذكور في «البقرة» و «آل عمران». والمراد بآخرين التابعون وحدهم أو مع تبع التابعين إلى يوم القيامة. ثمّ شبه اليهود الطاعنين في نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم مع أنهم حاملو التوراة وحفاظها العارفون بما فيها من نعت نبيّ آخر الزمان بالحمار الحامل للأسفار أي الكتب الكبار لأنه لا يدري منها إلا ما مر بجنبيه من الكدّ والتعب. ومعنى (حُمِّلُوا) كلفوا العمل بما فيها. ومحل (يَحْمِلُ) جر صفة للحمار كما في قوله «على اللئيم يسبني» وهذا مثل كل من علم علما يتعلق بعمل صالح ثم لم يعمل به. ثم قبح مثلهم بقوله (بِئْسَ) مثلا (مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ) وكانوا يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه فقيل لهم: إن كان قولكم حقا (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) ليكون وصولكم إلى دار الكرامة أسرع وقد مر مثله في أول «البقرة» إلا أنه قال هاهنا (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ) وهناك ولن يتمنوه وذلك أن كليهما للنفي إلا أن «لن» أبلغ في نفي الاستقبال وكانت دعواهم هناك قاطعة بالغة وهي كون الجنة لهم بصفة الخلوص فخص الأبلغ بتلك السورة. ثم بين أن الموت الذي لا يجترؤن على تمنيه خيفة أن يؤاخذوا بوبال كفرهم فإنه ملاقيهم لا محالة. قال أهل النظم: قد أبطل الله تعالى قول اليهود في ثلاث: زعموا أنهم أولياء لله فكذبهم بقوله (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) وافتخروا بأنهم أهل الكتاب والعرب لا كتاب لهم فشبههم بالحمار يحمل أسفارا ، وباهوا بالسبت وأنه ليس للمسلمين مثله فشرع لنا الجمعة. قال جار الله: يوم الجمعة بالسكون الفوج المجموع كضحكة للمضحوك منه ، وضمّ الميم تثقيل لها كما قيل في عسرة عسرة. قلت: ومما يدل على أن أصلها السكون جمعها على جمع كقدرة وقدر. وفي الكشاف أن (مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) بيان «إذا» وتفسير له. وأقوال: إن اليوم أعم من وقت النداء والعام. لإبهامه لا يصير بيانا ظاهرا فالأولى أن تكون «من» للتبعيض. والنداء الأذان في أول وقت الظهر ، وقد كان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم مؤذن واحد فكان إذا جلس على المنبر أذن على باب المسجد فإذا نزل أقام للصلاة ، ثم كان أبو بكر وعمر على ذلك ، حتى إذا كان عثمان وكثر الناس زاد مؤذنا آخر ، مؤذن على داره التي تسمى زوراء فإذا جلس على المنبر أذن المؤذن الثاني ، فإذا نزل أقام للصلاة. وعن ابن عباس: إن أول جمعة في الإسلام بعد جمعة رسول الله صلىاللهعليهوسلم لجمعة اجتمعت بجواثى قرية من قرى البحرين من قرى عبد القيس وروي أن الأنصار بالمدينة اجتمعوا إلى أسعد بن زرارة. وكنيته أبو إمامة وقالوا: هلموا نجعل لنا يوما نجتمع فيه فنذكر الله ونصلي فإن لليهود السبت وللنصارى الأحد فاجعلوه يوم العروبة ، فصلّى بهم يومئذ ركعتين وذكرهم فسموه يوم الجمعة لاجتماعهم فيه ، وأنزل الله تعالى آية الجمعة فهي أول جمعة كانت في الإسلام قبل مقدم النبي صلىاللهعليهوسلم وأول جمعة جمعها رسول