أو دل قوله (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ) على أرسل فكأنه قيل: أرسل رسولا أو أعمل (ذِكْراً) في (رَسُولاً) إعمال المصدر في المفاعيل أي أنزل الله أن ذكر رسولا أو ذكره رسولا. قلت: لم يبعد على هذه الوجوه أن يكون المراد بالرسول هو محمد صلىاللهعليهوسلم. ثم ذكر غاية الإنزال أو التلاوة بقوله (لِيُخْرِجَ) والمعنى ليخرج الله أو الرسول (الَّذِينَ) عرف منهم أنهم سيؤمنون من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ، أو ليوفقهم بعد الإيمان والعمل الصالح لمزيد البيان والعيان الذي ينجلي به ظلم الشكوك والحسبان. قوله (قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) فيه معنى التعجب والتعظيم. ثم ختم السورة بالتوحيد الذي هو أجل المطالب وتفسيره ظاهر مما سلف مرارا إلا أن ظاهر هذه الآية يدل على أن الأرض متعددة وأنها سبع كالسموات فذهب بعضهم إلى أن قوله (مِثْلَهُنَ) أي في الخلق لا في العدد. وقيل: هن الأقاليم السبعة ، والدعوة شاملة لجميعها. وقيل: إنها سبع أرضين متصل بعضها ببعض وقد حال بينهن بحار لا يمكن قطعها والدعوة لا تصل إليهم. وقيل: إنها سبع طبقات بعضها فوق بعض لا فرجة بينها وهذا يشبه قول الحكماء: منها طبقة هي أرض صرفة تجاور المركز ، ومنها طبقة طينية تخالط سطح الماء من جانب التقعير ، ومنها طبقة معدنية يتولد منها المعادن ، ومنها طبقة تركبت بغيرها وقد انكشف بعضها ، ومنها طبقة الأدخنة والأبخرة على اختلاف أحوالها أي طبقة الزمهرير ، وقد تعدّ هذه الطبقة من الهواء. وقيل: إنها سبع أرضين بين كل واحدة منها إلى الأخرى مسيرة خمسمائة عام كما جاء في ذكر السماء وفي كل أرض منها خلق حتى قالوا: في كل منها آدم وحواء ونوح وإبراهيم وهم يشاهدون السماء من جانب أرضهم ويستمدون الضياء منها أو جعل لهم نورا يستضيئون به. وذكر النقاش في تفسيره فصلا في خلائق السموات والأرضين وأشكالهم وأسمائهم أضربنا عن إيرادها لعدم الوثوق بمثل تلك الروايات. ومعنى (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) أن حكم الله وأمره يجري فيما بين السموات والأرضين أو فيما يتركب منهما ولا يعلم تلك الأجرام ولا تلك الأحكام ولا كيفية تنفيذها فيهن إلا علام الغيوب تعالى وتقدس.