الفراء: وهما واحد ومعناه يرجع إلى عدم التناسب والنظام بحيث يقول الناظر الفهم لو كان كذا لكان أحسن ، والخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أو لكل راء. والأصل ما ترى فيهن فعدل إلى العبارة الموجودة تعظيما لخلقهن وتنبيها على أنه سبب تناسبهن كقوله «خلق الرحمن». فلو علم للمكلفين أنفع من هذا الخلق لفعل. وفسر بعضهم التفاوت بالفطور لقوله (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) أي صدوع وشقوق وخروق وفتور كل هذه من عبارات المفسرين وهو كقوله في أول «ق» (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) [ق: ٤] وإنما أمر برجع البصر لأن النظرة الأولى حمقاء ، ثم أمر بتكرير رجع البصر كرتين وهو تثنية الكرة مثل لبيك وسعديك إلى أن يحسر بصره من طول المعاودة فإنه لا يعثر على شيء من الخلل والعيب ، ومعنى (خاسِئاً) بعيدا عن إصابة الملمس ، قوله (وَلَقَدْ زَيَّنَّا) قد مر تفسيره في «حم السجدة». والرجوم جمع رجم مصدر سمي به ما يرجم به. وقيل: معناه جعلناها ظنونا ورجوما بالغيب لشياطين الإنس وهم الأحكاميون من أهل التنجيم. وحين بين أنه أعد لهؤلاء عذاب السعير في الآخرة بعد الإحراق بالشهب في الدنيا عمم الوعيد بقوله (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا) الآية. ثم وصف جهنم بصفات منها أن (لَها شَهِيقاً) تشبيها لحسيسها المنكر الفظيع بصوت الحمار. ويجوز أن يكون الشهيق لأهلها ممن تقدم طرحهم أو من أنفسهم ومنها الفوران. قال ابن عباس: تغلي بهم كغلي المرجل. وقال مجاهد: تفور بهم كما يفور الماء الكثير بالحب القليل. ويجوز أن يكون من فور الغضب يؤيده قوله (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) يقال فلان يتميز غيظا وغضبا فطارت منه شقة في الأرض وشقة في السماء إذا وصفوه بالإفراط فيه ، ولعل السبب في هذا المجاز هو أن الغضب حالة تحصل عند غليان دم القلب ، والدم عند الغليان يصير أعظم حجما ومقدارا فيمدد الأوعية حتى كادت تنشق وتنخرق ، فجعل ذكر هذا اللازم كناية عن شدة الغضب ، وقيل: الغيظ للزبانية احتجت المرجئة بقوله (كُلَّما أُلْقِيَ) الآية. على أنه لا يدخل النار إلا الكفار لأنه تعالى حكى عن كل من ألقي فيها أنه قال كذبنا النذير أجاب القاضي بأن النذير قد يطلق على ما في المقول من الأدلة المحذرة عن المعصية فيشمل الفاسق ، القائلون بأن معرفة الله وشكره لا يجبان إلا بعد ورود الشرع. احتجوا بأنه تعالى ما عذبهم إلا بعد مجيء النذير. ثم حكى عن أهل النار أنهم يقولون للخزنة (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ) الإنذار سماع من كان طالبا للحق أو نعقله عقل متأمل متفكر (ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) وإنما جمع بين السمع والعقل لأن مدار التكليف على أدلة السمع والعقل واحتج بالآية من فضل السمع على البصر لأنه تعالى جعل مناط الفوز السمع ولم يذكر البصر القائل بأن الدين لا يتم إلا بالتعليم. احتج بأنه قدم السمع على العقل تنبيها على أنه لا بد أولا من إرشاد