عطاء والضحاك عن ابن عباس: هو المنذر يعني محمدا صلىاللهعليهوسلم والمعنى فستعلمون رسولي وصدقه حين لا ينفعكم ذلك. وقيل: بمعنى الإنذار أي عاقبة إنذاري إياكم بالكتاب والرسول ، ثم مثل بحال الأمم السابقة. قال أبو مسلم: النكير عقاب المنكر. وقال الواحدي: أراد إنكاري وتغييري. ثم برهن على الوحدانية وكمال القدرة بوجوه: الأول (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ) أي باسطات أجنحتهن لأنهن إذا بسطنها صففن قوادمها صفا. قال أهل المعاني: وإنما قيل (وَيَقْبِضْنَ) دون «قابضات» على نحو «صافات» لأن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء والأصل في كل منهما مد الأطراف وبسطها ، والقبض طارئ على البسط لأجل الإعانة فالمعنى أنهن صافات ويكون منهن القبض في بعض الأوقات كما يكون من السابح. وإنما قال في «النحل» (ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ) [الآية: ٧٩] وفي هذه السورة (ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ) لأن التسخير في جو السماء محض الإلهية ، وأما صافات وقابضات فكان إلهامها كيفية البسط والقبض على الوجه المطابق للمنفعة من رحمة الرحمن. (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) فيعلم أو يرى كيف يدبر العجائب. قالوا وفي الآية دليل على أن الأفعال الاختيارية للعبد مخلوقة لله تعالى ، لأن استمساك الطير في الهواء فعل اختياري لها وقد أضافه الله تعالى إلى نفسه ، ثم إن الكفار كانوا يمتنعون من الإيمان ولا يلتفتون إلى دعوة الرسول وكان تعويلهم على أمرين: أحدهما القوة من جهة الإخوان والأعوان. والثاني الاستظهار بالأصنام والأوثان وكانوا يقولون إنها توصل إلينا جميع الخيرات وتدفع عنا كل الآفات ، فأبطل الله الأول بقوله (أَمَّنْ هذَا الَّذِي) يعني من يشار إليه من المجموع ويقال هذا الذي (هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ) هو (يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ) إن أرسل عذابه عليكم (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) من الشياطين يغرونهم أن العذاب لا ينزل بهم ولو أنزل دفعه أصنامهم. وأبطل الثاني بقوله (أَمَّنْ هذَا الَّذِي) يشار إليه هذا الذي (يَرْزُقُكُمْ) بزعمكم (إِنْ أَمْسَكَ) الله (رِزْقَهُ) بإمساك أسبابه من المطر وغيره هل يقدر على رزقكم (بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ) وتباعد عن الحق (وَنُفُورٍ) عنه بالطبع والأول دليل فساد القوة العلمية ، والثاني إشارة إلى فساد القوة النظرية. ثم نبه على قبح هذين الوصفين قائلا (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا) قال الواحدي «أكب» مطاوع «كب». وأنكر عليه صاحب الكشاف بأن مطاوع «كب» هو «انكب» ومثله «قشعت الريح السحاب فانقشع» وأما الهمزة في «أكب» و «أقشع» فللصيرورة أي صار ذا كب وقشع ، أو دخل فيهما ولا شيء من بناء أفعل مطاوعا ولا يخفى أن هذا نزاع لفظي ، أما المثل فقيل: هو في حق راكب التعاسيف وفي الذي يمشي على الصراط السوي وقيل: هو الأعمى والبصير أو العالم والجاهل. وعن قتادة: الكافر أكب على معاصي الله فحشره يوم القيامة على وجهه ،