(سَخَّرَها) أي سلطها بدليل (عَلَيْهِمْ) وقال الزجاج: أقامها وقيل: أرسلها. قوله (حُسُوماً) جمع حاسم كشهود جمع شاهد. والتركيب يدور على القطع والاستئصال ومنه الحسام لأنه يحسم العدو عما يريد من بلوغ أمله ، وذلك أن تلك الريح حسمت كل خير واستأصلت كل بركة. وقيل: إنها تتابعت من غير فتور ولا انقطاع حتى أتت عليهم ، فمثل تتابعها بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكي على الداء مرة بعد أخرى إلى أن ينحسم. ويجوز أن يكون (حُسُوماً) مصدرا كالدخول والخروج وعلى هذا انتصب بفعل مضمر أي يستأصل استئصالا ، أو يكون وصفا بالمصدر أي ذات حسوم ، أو مفعولا له ، وقيل: هي أيام العجوز وذلك أن عجوزا من عاد توارت في سرب فانتزعتها الريح في اليوم الثامن فأهلكتها. والصحيح أنها أيام العجز وهي آخر الشتاء وأساميها. الصن والصنبر والوبر والآمر والمؤتمر والمعلل ومطفىء الجمر. وقيل: ومكفىء الظعن. والضمير في (فِيها) للجهات أو الليالي والأيام الخاوية الساقطة. وقيل: الخاوية لأن الريح كانت تدخل أجوافهم فتصرعهم ، وعلى هذا يحتمل أن تكون الخاوية بمعنى البالية لأن النخل إذا بليت خلت أجوافها والباقية مصدر. وقيل: من نفس باقية: قال ابن جريج: كانوا سبع ليال وثمانية أيام أحياء في عذاب الله ، فلما كان اليوم الثامن ماتوا فاحتملتهم الريح فألقتهم في البحر فذلك قوله (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) وقوله فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم [الأحقاف: ٢٥] ومن قرأ (وَمَنْ قَبْلَهُ) بالفتح والسكون فظاهر أي ومن تقدمه من رؤساء الكفر والضلال كنمرود ونحوه. ومن قرأ بالكسر والفتح أراد ومن عنده من أتباعه وجنوده. والخاطئة مصدر أي بالخطأ أو صفة أي بالفعلة أو الأفعال ذوات الخطأ العظيم (رابِيَةً) من ربا الشيء يربو إذا زاد أي زائدة في الشدة كما كانت فعلاتهم زائدة في القبح. وقيل: معنى الزيادة اتصال عذابهم في الدنيا بعذاب الآخرة. (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً). ولا ريب أن عذاب الآخرة أشد وكان عقابهم ينمو ويزيد إلى حد ليس فوقه عذاب. قال الواحدي: الوجه في قوله (رَسُولَ رَبِّهِمْ) أن يكون رسول الأمم الماضية كلهم أعني موسى ولوطا وغيرهما من رسل من تقدم فرعون كقوله (إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الشعراء: ١٦] ولو جعل عبارة عن موسى عليهالسلام لزم التخصيص من غير مخصص. ثم ذكر قصة بعض من تقدم فرعون فقال (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ) وطغيان الماء كعتو الريح وقد سبق في عدة سور. ومعنى (حَمَلْناكُمْ) حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم (فِي الْجارِيَةِ) في السفينة وهي سفينة نوح (لِنَجْعَلَها) قال الفراء: أي الجارية لأنها المذكور. والأظهر عوده إلى الواقعة والحالة وهي نجاة المؤمنين وإغراق الكافرين فإنها هي التذكرة والعبرة ولقوله (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) من شأنها حفظ كل ما تسمع لتعمل به. قال أهل اللغة: