اليوم الدنيا كلها من أول ما خلق العالم إلى القيامة وفيه يقع عروج الملائكة. ثم لا يلزم من هذا أن يصير وقت القيامة معلوما لأنا لا ندري كم مضى وكم بقي. ومر في «ألم السجدة». وقال جمع من المفسرين قوله (فِي يَوْمٍ) من صلة (واقِعٍ) أي يقع ذلك العذاب في يوم طويل مقداره خمسون ألف سنة من سنيكم وهو يوم القيامة. وثم يحتمل أن يكون المراد منه استطالة ذلك اليوم لشدته على الكفار ، ويحتمل أن العذاب الذي سأله السائل يكون مقدرا بهذه المدة ثم ينقله الله تعالى إلى نوع آخر من العذاب. يروى عن ابن أبي مليكة أن ابن عباس سئل عن هذه الآية وعن قوله (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) فقال: أيام سماها الله هو أعلم بها كيف تكون وأكره أن أقول فيها ما لا علم لي به. وقال وهب في الجواب: من أسفل العالم إلى أعلى شرف العرش مسيرة خمسين ألف سنة ، ومن أعلى السماء الدنيا إلى الأرض مسيرة ألف سنة ، لأن عرض كل سماء من السموات السبع مسيرة خمسمائة سنة ، وبين أسفل السماء إلى قرار الأرض خمسمائة أخرى ، فالمراد مقدار ألف سنة لو صعدوا إلى سماء الدنيا ومقدار خمسين ألف سنة لو صعدوا إلى العرش. وفي قوله (فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم كأنه قيل له: إن العذاب قرب وقوعه فاصبر فقد شارفت الانتقام. قال الكلبي: هذه الآية نزلت قبل أن يؤمر الرسول بالقتال إنهم يرون العذاب أو يوم القيامة بعيد الأمد بعيدا عن الإمكان (وَنَراهُ قَرِيباً) منه ثم قال (يَوْمَ) أي اذكر يوم (تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) كدرديّ الزيت. عن ابن مسعود: كالفضة المذابة. (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ) أي الصوف المصبوغ ألوانا لقوله (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) [فاطر: ٢٧] وجوز جار الله أن ينتصب (يَوْمَ) بـ (قَرِيباً) أو بإضمار يقع لدلالة واقع عليه ، أو يراد به يوم تكون السماء كالمهل كان كيت وكيت ، أو هو بدل من يوم القيامة فيمن علقه بـ (واقِعٍ) قوله (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ) من قرأ بفتح الياء فظاهر أي لا يسأله بكيف حالك لاشتغال كل بنفسه ، ومن قرأ بالضم فالمعنى لا يسأل حميم عن حميم ليعرف شأنه من جهته كما يتعرف خبر الصديق من جهة صديقه فيكون على حذف الجار. وقال الفراء: لا يقال الحميم أين حميمك. ثم كان لسائل أن يقول: لعله لا يبصره فلهذا لا يسأل فقال (يُبَصَّرُونَهُمْ) ولكنهم لتشاغلهم لم يتمكنوا من تسائلهم ويجوز أن يكون صفة أي حميما مبصرين معرفين إياهم وإنما جمع ضمير الحميم لأنه في معنى الجمع حيث رفع في سياق النفي. وقيل: إن الجملة تتعلق بما بعده والمعنى إن المجرمين يبصرون المؤمنين حال ما يود أحدهم أن يفدي نفسه بكل ما يمكنه فإن الإنسان إذا كان في البلاء ثم رأى عدوه في الرخاء كان ذلك أشد عليه (وَفَصِيلَتِهِ) عشيرته الأدنون الذين فصل عنهم (تُؤْوِيهِ) تضمه