في أوقاتها ، وأما المحافظة عليها فترجع إلى الاهتمام بشأنها وذلك يحصل برعاية أمور سابقة على الصلاة كالوضوء وستر العورة وطلب القبلة وغيرها ، حتى إذا جاء وقت الصلاة لم يكن يتعلق القلب بشرائطها وأمور مقارنة للصلاة كالخشوع والاحتراز عن الرياء والإتيان بالنوافل والمكملات ، وأمور لاحقة بالصلاة كالاحتراز عن اللغو وما يضاد الطاعة لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، فارتكابه المعصية بعد الصلاة دليل على أن تلك الصلاة لم تقع في حيز القبول. الثاني (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌ) قال ابن عباس والحسن وابن سيرين: هو الزكاة المفروضة. قلت: الدليل عليه وصفه بأنه معلوم واقترانه بإدامة الصلاة ، وقال مجاهد وعطاء والنخعي: هو ما سوى الزكاة وإنه على طريق الندب والاستحباب. قلت: هذا التفسير بما في «الذاريات» أشبه لأنه لم يصف الحق هناك بأنه معلوم ولأنه مدح هناك قوما بالتزام ما لا يلزمهم كقلة الهجوع والاستغفار بالأسحار. الثالث (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) أي يؤمنون بالغيب والجزاء. الرابع (وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) خائفون والمؤمن خائف من التقصير في الطاعة وبعض الفسقة لا يخافون من ارتكاب أنواع الظلم وأصناف المعصية. ثم أكد ذلك الخوف بقوله (إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) لأن الأمور بخواتيمها والخاتمة غير مقطوع بها. الخامس (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) إلى قوله (العادُونَ) وقد مر في «المؤمنين». والسادس (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) وقد مر أيضا. السابع (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ) من أفرد فلانها مصدر ، ومن جمع فللنظر إلى اختلاف الشهادات وكثرة أنواعها. وأكثر المفسرين قالوا: هي الشهادات عند الحكام يقومون بها بالحق ولا يكتمونها ، وهذه من جملة الأمانات خصها بالذكر تنبيها على فضلها لأن في إقامتها إحياء للحقوق وفي تركها تضييع لها. وروى عطاء عن ابن عباس أنها الشهادة بالله أنه واحد لا شريك له. الثامن (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) وقد ذكرناه. ثم عين مكان هؤلاء بقوله تعالى (أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) قال المفسرون: كان المشركون يحتفون حول رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرقا يستهزؤن به وبالمؤمنين ويقولون: إن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد فلندخلنها قبلهم فنزلت. (فَما لـ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ) أي نحوك وفي مقابلتك (مُهْطِعِينَ) مسرعين مادين أعناقهم إليك (عِزِينَ) فرقا شتى جمع عزة محذوفة العجز وأصلها عزوة لأن كل فرقة تعتزي إلى غير من تعتزي إليه الأخرى فهم مفترقون. وجمع بالواو والنون عوضا عن المحذوف كما مر في (عِضِينَ) قوله (كَلَّا) ردع لهم عن الطمع الفاسد وذلك من وجهين: أحدهما أنهم ينكرون البعث فمن أين لهم هذا الطمع. والثاني أنهم لم يعدوا لها زادا من الإيمان والعمل الصالح. وفي قوله (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) رد عليهم من