شيطان رجيم فقال (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) وهو أفق الشمس كما مر في «النجم». ثم أخبر عن صدقه وإشفاقه فقال (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) ومن قرأ بالظاء الذي مخرجه من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا كالذال والثاء فهو من الظنة التهمة أي ليس بمتهم بل هو ثقة فيما يؤدي عن الله بواسطة جبرائيل. ومن قرأ بالضاد الذي مخرجه من أصل حافة اللسان وما بينها من الأضراس ومن يمين اللسان أو يساره وإخراجه من الجانب الأيسر الأسهل ، وقد يسهل على بعض الناس كلاهما فمعناه أنه لا يضن بالوحي أي لا يبخل به من الضن وهو البخل ، وفيه أنه لا يكتم شيئا من الوحي مما أمر بإظهاره وأنه لا يمنع المستعدّين من الإرشاد والكمال (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) بعد هذه البيانات وفيه استضلال لهم كقولك لتارك لجادّة اعتسافا أين تذهب ، مثلت حالهم في ترك الحق والعدول عنه إلى الباطل براكب التعاسيف الذي يستأهل أن يقال له أين تذهب. قوله (لِمَنْ شاءَ) فائدة هذا الإبدال أن نفع التذكير يعود إليهم فكأن غيرهم لم يوعظ والاستقامة هي سلوك الصراط المستقيم صراط الله الذي له ما في السموات والأرض. ولا يخفى ما بينها وبين قوله (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) من التناسب والطباق وفيه دليل القدرية إلا أن قوله (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) فيه دليل الجبرية كما مر في آخر (هَلْ أَتى) وغيره والله الموفق.