ابن ساعدة. ويروى أن أبرهة أخذ لعبد المطلب مائتي بعير فخرج إليه يطلبها وقيل لأبرهة: هذا سيد قريش وصاحب عير مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في رؤوس الجبال. وكان عبد المطلب رجلا جسيما وسيما فعظم في عين أبرهة ، فلما ذكر حاجته قال: سقطت من عيني جئت لأهدم البيت الذي هو دينك ودين آبائك وعصمتكم وشرفكم من قديم الدهر فألهاك عنه ذود أخذ لك فقال: أنا رب الإبل وللبيت رب سيمنعه. ثم رجع وأتى باب البيت فأخذ بحلقته وهو يقول :
لا هم أن المرء يم |
|
نع رحله فامنع حلالك |
لا يغلبن صليبهم |
|
ومحالهم عدوا ومحالك |
الحلال جمع حل وهو الموضع الذي يحل فيه الناس والمحال المماكرة كقوله (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) [الرعد: ١٣] ثم قال:
إن كنت تاركهم وكع |
|
بتنا فأمر ما بدا لك |
وقال أيضا:
يا رب فامنع منهم حماكا |
|
يا رب لا أرجو لهم سواكا |
فالتفت فإذا هو بطير من نحو اليمن فقال: والله إنها لطير غريبة ما هي بنجدية ولا تهامية ، فأهلكتهم كما ذكرنا. ثم إن أهل مكة قد احتووا على أموالهم وجمع عبد المطلب منها ما صار سبب يساره. وسئل أبو سعيد الخدري عن الطير فقال: حمام مكة منها. وقيل: جاءت عشية ثم صبحتهم هلكى. وعن عكرمة: من أصابته أصابه جدري وهو أول جدري ظهر في الأرض. ولنرجع إلى تفسير الألفاظ. وإنما لم يقل «ألم تعلم» إما لأن الخطاب لكل راء ، أو لأنه صلىاللهعليهوسلم كان يعلم علما كالمشاهد المرئي لتواتره ولقرب عهده به. قال النحويون: قوله (كَيْفَ) مفعول فعل لأن الاستفهام يقتضي صدر الكلام فيقدم على فعله بالضرورة. ثم إن قوله (أَلَمْ تَرَ) وقع على مجموع تلك الجملة. وقال في الكشاف (كَيْفَ) في موضع نصب بـ (فَعَلَ رَبُّكَ) لا بـ (أَلَمْ تَرَ) لما في (كَيْفَ) من معنى الاستفهام. قلت: أما قول صاحب الكشاف ففي غاية الإجمال لأن المنصوبات بالفعل أنواع شتى. وأما قول غيره فقريب من الإجمال لأن المفاعيل خمسة ، والقول المبين فيه أنه مفعول مطلق والمعنى فعل أي فعل يعني فعلا ذا عبرة لأولي الأبصار. وتقدير الكلام: ألم تر ربك أو إلى ربك كيف فعل بأصحاب الفيل فعلا كاملا في باب الاعتبار لأنه خلق الطيور وجعل طبع الفيل على