أضيف إليها من الشركة. ومعنى الضلال على هذا التفسير عدم النفع ، ويجوز أن يراد ما منا من أحد يشاهدهم لأنهم غابوا عنا. ومعنى (يَدْعُونَ) يعبدون. والظن بمعنى اليقين ، والمحيص المهرب. وحين بين أن الكفار تبرؤا في الآخرة من شركائهم بعد أن كانوا مصرين في الدنيا على عبادتهم ، بين أن الكفار تبدله في حالاته كلي أو أكثري. ففي حالة الإقبال لا يسأم من طلب الجاه والمال ، في حالة الإدبار يصير في غاية اليأس والانكسار ، وإن عاودته النعمة بعد يأسه فلا بد أن يقول هذا إنما وجدته باستحقاق لي وهذا لا يزول عني ويبقى علي وعلى عقبي وأنكر البعث ، وعلى فرض وجوده زعم بل جزم أن له عند الله الحالة الحسنى قائسا أمر الآخرة على أمر الدنيا ، ونظير الآية ما سبق في سورة الكهف (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) [الآية: ٣٦] فلا جرم خيب الله أمله وعكس ما تصوره بقوله (فَلَنُنَبِّئَنَ) وحين حكى قول الكافر أخبر عن أفعاله بقوله (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ) أي تعظم وتجبر. وقد سلف في «سبحان». واستعير العرض لكثرة الدعاء ودوامه ، وقد يستعار الطول لكثرة الدعاء ودوامه أيضا وإن لم يكن الشيء ذا جزم كما استعير الغلظ لشدة العذاب. فإن قيل: كيف قال أولا (فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) ثم قال (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ)؟ قلنا: أراد أنه يؤس بالقلب دعاء باللسان ، أو قنوط من الصنم دعاء الله ، أو الأول في قوم والثاني في آخرين.
ولما ذكر مرات في السورة مبالغة الكفار في العداوة والنفرة من اتباع الرسول والقرآن أرشدهم إلى طريق أحوط مما فيه فقال (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) الآية. وتقريره أنكم كما سمعتم القرآن أعرضتم عنه ثم كفرتم به حتى قلتم (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ) [فصلت: ٥] (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) ومن المعلوم أن هذا ليس ببديهي فقبل الدليل يحتمل أن يكون صحيحا وحينئذ يلزم أن يكون بعدم قبوله العقاب الأبدي. وقوله (مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) من وضع الظاهر مقام المضمر وهو منكم بيانا لبعد شوطهم في الشقاق والخلاف قاله في الكشاف. وأقول: جواب الشرط بالحقيقة محذوف وهو قوله مثلا فمن أضل منكم. وإنما قال في الأحقاف (وَكَفَرْتُمْ) [الآية: ١٠] بالواو لأن معناه في السورة كان عاقبة أمركم بعد الإمهال للنظر الكفر فحسن دخول «ثم» مع أنها تفيد التراخي في الرتبة ، وهناك عطف عليه قوله (وَشَهِدَ شاهِدٌ) فلم يحسن إلا الواو. ثم بين أن الإسلام يعلو ولا يعلى وأن الغلبة والنصرة تكون لذويه فقال (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) وهي الفتوح الواقعة على أيدي الخلفاء الراشدين والتي ستقع على أيدي أنصار دينه إلى يوم القيامة. (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) وهي فتح مكة وسائر الفتوح التي وجدت في عصر النبي صلىاللهعليهوسلم (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ) أي محمدا أو