أن يعود إليه في الآخرة وما عاقب عليه في الدنيا فالله أكرم من أن يعيد عليه العذاب في الآخرة. قال أهل التناسخ: لو لا أن الأطفال والبهائم لهم حالة كانوا عليها قبل هذه الحالة ما كانوا ليتألموا فإنهم لا ذنوب لهم الآن. وأجيب بالتزام أنهم لا يتألمون من المصائب والآلام وفيه بعد ، وبأن الخطاب في الآية لذوي العقول البالغين ، وبأنها في البالغين عقوبة أو زيادة درجة ، وفي الأطفال مثوبة لهم أو لوالديهم. ثم خاطب المشركين بقوله (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) الآية ثم ذكر دليلا آخر قائلا ومن آياته الجواري أي السفن الجواري (فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) أي كالجبال في العظم. ولا شك أن جريانها بواسطة هبوب الرياح فلذلك قال (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ) أي فيصرن واقفة على ظهر ماء البحر (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ) على البلاء (شَكُورٍ) على الآلاء أو صبار في السفينة شكور إذا خرج منها (أَوْ) أن يشأ (يُوبِقْهُنَ) أي يهلك السفينة بما فيها بالغرق أو الكسر لعصوف الريح وغيره (بِما كَسَبُوا) من كفران نعم الله وعصيانه (وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ) من الذنوب فلا يجازي عليها في الدنيا ولا في الآخرة. والحاصل أنه إن يشأ يسكن الريح فتبقى الجواري واقفة على متن البحر ، أو أن يشأ يهلك ناسا وينج ناسا على طريق العفو عنهم. من رفع (وَيَعْلَمَ) فعلى الاستئناف ، ومن نصب فللعطف على تعليل محذوف أي لينتقم منهم ويعلم قاله في الكشاف. وقال الكوفيون ومنهم الزجاج: النصب بإضمار «أن» لأن قبلها جزاء. تقول: ما تصنع أصنع وأكرمك. ووجهه أن هذا في تأويل المصدر معطوف على مصدر أصنع مقدرا. ثم استأنف قوله (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) أي لا مهرب للمجادلين عن عقابه. ثم رغب المكلفين عن الدنيا وفي الدنيا وفي الآخرة وقد مر نظيره في القصص إلا أنه ذكر هاهنا أن هذه الخيرية تحصل للموصوفين بصفات إحداها الإيمان ، والثانية التوكل على الرب ، والثالثة الاجتناب عن الكبائر والفواحش كقوله (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ) [النساء: ٣١] (إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ) [الأعراف: ٣٣] ومن قرأ كبير على التوحيد فللجنس ، وفسره ابن عباس بالشرك ، الرابعة الغفران عند الغضب «وهم» تأكيد للضمير أو مبتدأ ما بعده خبره. قال بعض العلماء: يحتمل أن يراد بالكبائر ما يتعلق بالبدع والعقائد الفاسدة وهي من فساد القوة العقلية ، وبالفواحش فساد القوة الشهوية ، وبالأخيرة ما يتعلق بالقوة الغضبية. قال المفسرون: نزل قوله (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ) في الأنصار دعاهم الله ورسوله إلى التوحيد فأطاعوا ورضوا بقضائه وواظبوا على الصلوات الخمس ، وكانوا قبل الإسلام متشاورين في كل أمر دهمهم غير منفردين برأي ، والشورى مصدر كالفتيا ، والمضاف محذوف أي ذو التشاور. وليس بين