قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الإيضاح في علوم البلاغة

الإيضاح في علوم البلاغة

الإيضاح في علوم البلاغة

تحمیل

الإيضاح في علوم البلاغة

150/415
*

قال؟ فيقع قوله : (قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ) [الشّعراء : الآية ١٨] استئنافا. ونحوه قوله : (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ (٢٨) قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) [النّمل : الآيتان ٢٨ ، ٢٩] أي : ففعل ذلك ، فأخذت الكتاب فقرأته ، ثم كأن سائلا سأل قال : فما ذا قالت؟ فقيل : قالت : يا أيها الملأ.

وأما قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ) [النّمل : الآية ١٥] فقال الزمخشري في تفسيره : هذا موضع الفاء ، كما يقال : «أعطيته فشكر ، ومنعته فصبر» وعطفه بالواو إشعارا بأن ما قالاه بعض ما أحدث فيهما العلم ، كأنه قال : فعملا به ، وعلماه ، وعرفا حق النعمة فيه ، والفضيلة ، وقالا : الحمد لله.

وقال السكاكيّ : يحتمل عندي أنه تعالى أخبر عمّا صنع بهما ، وعما قالا ، كأنه قال : نحن فعلنا إيتاء العلم ، وهما فعلا الحمد ، من غير بيان ترتّبه عليه ؛ اعتمادا على فهم السامع ، كقولك : قم يدعوك ؛ بدل : قم فإنه يدعوك.

واعلم أن الحذف على وجهين :

أحدهما : أو لا يقام شيء مقام المحذوف كما سبق.

والثاني : أن يقام مقامه ما يدلّ عليه ، كقوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ) [هود : الآية ٥٧] ليس الإبلاغ هو الجواب ؛ لتقدمه على تولّيهم ، والتقدير : فإن تولّوا فلا لوم عليّ ؛ لأني قد أبلغتكم ، أو فلا عذر لكم عند ربكم لأني قد أبلغتكم ، وقوله : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) [فاطر : الآية ٤] أي : فلا تحزن ، واصبر ، فإنه قد كذّبت رسل من قبلك ، وقوله : (وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) [الأنفال : الآية ٣٨] أي : فيصيبهم مثل ما أصاب الأولين.

وأدلة الحذف كثيرة.

منها : أن يدلّ العقل على الحذف ، والمقصود الأظهر على تعيين المحذوف ، كقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) [المائدة : الآية ٣] الآية ، وقوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) [النّساء : الآية ٢٣] الآية. فإن العقل يدل على الحذف لما مر ، والمقصود الأظهر يرشد إلى أن التقدير حرّم عليكم تناول الميتة ، وحرّم عليكم نكاح أمّهاتكم ، لأن الغرض الأظهر من هذه الأشياء تناولها ، ومن النساء نكاحهنّ.

ومنها : أن يدل العقل على الحذف والتعيين كقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ) [الفجر : الآية ٢٢] أي أمر ربك ، أو عذابه ، أو بأسه ، وقوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) [البقرة : الآية ٢١٠] أي : عذاب الله ، أو أمره.