متقررة في النفوس ، متصورة للعقول ، يشترك فيها الفصيح والأعجم ، والشاعر والمفحم.
وإن كان في وجه الدلالة على الغرض ـ وينقسم إلى أقسام كثيرة منها : التشبيه بما توجد الصفة فيه على الوجه البليغ كما سبق ، ومنها ذكر هيئات تدل على الصفة ؛ لاختصاصها بمن له الصفة ، كوصف الرجل حال الحرب بالابتسام ، وسكون الجوارح ، وقلّة الفكر ، كقوله : [محرز بن المكعبر الضبي]
كأنّ دنانيرا على قسماتهم |
|
وإن كان قد شفّ الوجوه لقاء (١) |
وكذا وصف الجواد بالتهلّل عند ورود العفاة ، والارتياح لرؤيتهم ، ووصف البخيل بالعبوس ، وقلّة البشر ، مع سعة ذات اليد ، ومساعدة الدهر.
فإن كان مما يشترك الناس في معرفته لاستقراره في العقول والعادات ، كتشبيه الفتاة الحسنة بالشمس والبدر ، والجواد بالغيث والبحر ، والبليد البطيء بالحجر والحمار ، والشجاع الماضي بالسيف والنار ؛ فالاتفاق فيه كالاتفاق في عموم الغرض.
وإن كان مما لا ينال إلا بفكر ، ولا يصل إليه كلّ أحد ، فهذا الذي يجوز أن يدّعى فيه الاختصاص والسبق ، وأن يقضى بين القائلين فيه بالتفاصيل وأنّ أحدهما فيه أفضل من الآخر ، وأن الثاني زاد على الأول أو نقص عنه.
وهو ضربان :
أحدهما : ما كان في أصله خاصّيّا غريبا.
والثاني : ما كان في أصله عاميّا مبتذلا ، لكن تصرّف فيه بما أخرجه من كونه ظاهرا ساذجا إلى خلاف ذلك ؛ وقد سبق ذكر أمثلتهما في التشبيه والاستعارة.
إذا عرفت هذا فنقول :
الأخذ والسرقة نوعان : ظاهر ، وغير ظاهر.
أما الظاهر فهو أن يؤخذ المعنى كله إما مع اللفظ كله أو بعضه ، وإما وحده.
فإن كان المأخوذ كله من غير تغيير لنظمه فهو مذموم مردود ؛ لأنه سرقة محضة ، ويسمى نسخا وانتحالا ، كما حكي أن عبد الله بن الزبير دخل على معاوية فأنشده :
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لمحرز بن مكعبر الضبي في لسان العرب (قسم) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٤٥٧ ، وشرح ديوان الحماسة للتبريزي ٤ / ١٦ ، والكامل ١ / ١٠٨ ، ١١٠ ، وتاج العروس (قسم) ، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٥ / ٨٦ ، وكتاب العين ٥ / ٨٧ ، وجمهرة اللغة ص ٨٥٢ ، وديوان الأدب ١ / ٢٥٢ ، وتهذيب اللغة ٨ / ٤٢٢ ، وأساس البلاغة (دنر) ، (قسم) ، والاشتقاق ١ / ٦٢ ، ٣٩٠.