من راقب الناس لم يظفر بحاجته |
|
وفاز بالطيّبات الفاتك اللهج (١) |
وقول سلم الخاسر :
من راقب الناس مات غمّا |
|
وفاز باللذّة الجسور (٢) |
فبيت سلم أجود سبكا ، وأخصر. وكقول الآخر :
خلقنا لهم في كل عين وحاجب |
|
بسمر القنا والبيض عينا وحاجبا (٣) |
وقول ابن نباتة بعده :
خلقنا بأطراف القنا في ظهورهم |
|
عيونا لها وقع السيوف حواجب (٤) |
فبيت ابن نباتة أبلغ ؛ لاختصاصه بزيادة معنى ، وهو الإشارة إلى انهزامهم ، ومن الناس من جعلهما متساويين.
وإن كان الثاني دون الأول في البلاغة فهو مذموم مردود ، كقول أبي تمام :
هيهات ؛ لا يأتي الزمان بمثله |
|
إن الزمان بمثله لبخيل (٥) |
وقول أبي الطيب :
أعدى الزّمان سخاؤه ، فسخا به |
|
ولقد يكون به الزمان بخيلا (٦) |
فإن مصراع أبي تمام أحسن سبكا من مصراع أبي الطيب ، أراد أن يقول : «ولقد كان الزمان به بخيلا» فعدل عن الماضي إلى المضارع ؛ للوزن.
فإن قلت : المعنى «إن الزمان لا يسمح بهلاكه».
قلت : السخاء بالشيء هو بذله للغير ، فإذا كان الزمان قد سخا به ، فقد بذله ، فلم يبق في تصريفه حتى يسمح بهلاكه أو يبخل به.
وإن كان مثله فالخطب فيه أهون ، وصاحب الثاني أبعد من المذمة ، والفضل لصاحب الأول ، كقول بشار :
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو في ديوان بشار بن برد ص ٦٠.
(٢) البيت من مخلع البسيط ، وهو في الإشارات والتنبيهات ص ٢٨١.
(٣) البيت من الطويل ، وهو لأبي إسحاق إبراهيم الغزي في ريحانة الألبا ص ١٣٣.
(٤) البيت من الطويل ، وهو في الإشارات والتنبيهات ص ٢٨١.
(٥) البيت من الكامل ، وهو في ديوان أبي تمام ٣ / ٢٤٦.
(٦) البيت من الكامل ، وهو في ديوان المتنبي ١ / ١٩٠.