ابن النّضر بن كنانة ، به سميت قريش فغلب عليها لأنه كان دليلها وصاحب ميرتها (٨). فكانوا يقولون : جاءت عير (٩) قريش ، وخرجت عير قريش ؛ قال : وابنه بدر بن قريش ، به سمّيت بدر التي كانت بها الوقعة المباركة ، لأنه كان احتفرها ، وبهذا الماء كانت الوقعة المشهورة التي أظهر الله بها الإسلام وفرّق بين الحقّ والباطل في شهر رمضان سنة اثنتين للهجرة.
ولما قتل من قتل من المشركين ببدر ، وجاء الخبر إلى مكّة ، ناحت قريش على قتلاهم ثم قالوا : لا تفعلوا فيبلغ محمدا وأصحابه فيشمتوا بكم.
وكان الأسود بن المطّلب بن أسد بن عبد العزّى (١٠) قد أصيب له ثلاثة
__________________
كنانة في تجاراتهم ، فإذا أقبل في القافلة يقال : قدمت عير قريش ، فغلب لفظ (قريش) على ما كان في عهده من بين النّضر بن كنانة. وللنّسابين خلاف طويل في (قريش) فقائل : إنه لقب للنضر بن كنانة ، وقائل : إنه لقب لفهد بن مالك بن النضر بن كنانة ، وقائل : ان بني النّضر بن كنانة سمو قريشا لتقرشهم (أي تجمعهم) في أيام قصيّ بن كلاب النّضري الكناني ، وقائل : غير هذا. والقرشيون قسمان : قريش البطاح ، وقريش الظواهر. (انظر : الروض الأنف : ١ / ٧٠ ، وطرفة الأصحاب : ٢٠ ، وسبائك الذهب في معرفة قبائل العرب : ٦٠ ، ونهاية الأرب في معرفة أنساب العرب : ٣٢١ ، والمحبر : انظر فهرسته ، وتاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس : ١ / ١٥٢ ، وجمهرة الأنساب : ٤٣٣ ، وتاريخ اليعقوبي : ١ / ٢١٢ ، وقلب جزيرة العرب : ١٩٠ ، وتلبيس أبليس : ٥٧ ، والبداية والنهاية : ٢ / ٢٠٠ ، والسيرة الحلبية : ١ / ١٣ ، ومعجم قبائل العرب : ٩٤٧ ، والأعلام : ٥ / ١٩٠).
(٨) الميرة : الطعام من الحب والقوت.
(٩) العير : القوم ومعهم حملهم من الميرة ، يقال : للرّجال وللجمال معا ، ولكل واحد منهما دون الآخر. يقال : فلان لا في العير ولا في النّفير أي : حقير الشأن ، صغير القدر ، يستهان به.
(١٠) الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى : كان نديما للأسود بن عبد يغوث الزهري ، وكان يقال لهما «الأسودان» ، وكانا من أعزّ قريش في الجاهلية ، كانا يطوفان بالبيت متقلدين بسيفين سيفين ، وكانا من المستهزئين برسول الله صلىاللهعليهوسلم.