.................................................................................................
__________________
ومن فضائل مكة أنه من دخلها كان آمنا ، ومن أحدث في غيرها من البلدان حدثا ثم لجأ إليها فهو آمن ، ومن أحدث فيها حدثا أخذ بحدثه.
ومن شرفها أنها كانت لقاحا لا تدين لدين الملوك ، ولم يؤدّ أهلها إتاوة (٢١) ، ولا ملكها ملك قط من سائر البلدان ، تحجّ إليها ملوك حمير وكندة وغسان ولخم فيدينون للحمس (٢٢) من قريش ، ويرون تعظيمهم والاقتداء بآثارهم مفروضا وشرفا عندهم عظيما. وكان أهلها آمنين يغزون الناس ولا يغزون ، ويسبون ولا يسبون ، ولم تسب قرشية قط فتوضأ قهرا ، ولا يجال عليها السّهام. وقد ذكر عزهم وفضلهم الشعراء فقال بعضهم :
أبوا دين الملوك فهم لقاح |
|
إذا هيجوا إلى حرب أجابوا |
وقال الزبرقان بن بدر (٢٣) لرجل من بني عوف كان قد هجا أبا جهل (٢٤)
__________________
(٢١) الأتاوة : الجزية.
(٢٢) الحمس : قبيلة قريش من تابعها في الجاهلية ، لتشددها في الدين.
(٢٣) الزبرقان بن بدر : التميمي السعدي ، صحابي ، من رؤساء قومه ، قيل اسمه الحن ولقّب بالزبرقان وهو من أسماء القمر ، لحسن وجهه ، ولاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم صدقات قومه فثبت إلى زمن عمر ، وكفّ بصره في آخر عمره ، وتوفي في أيام معاوية ، كان فصيحا شاعرا ، فيه جفاء الاعراب قال ابن حزم : وله عقب بطلبيرة لهم بها تقدم وكانوا أول نزولهم بالأندلس نزلوا بقرية ضخمة سميت الزبارقة توفي سنة ٤٥ ه الموافق ٦٦٥ م ، (انظر : الإصابة في معرفة الصحابة : ١ / ٥٤٣ ، وذيل المذيل : ٣٢ ، وجمهرة الأنساب : ٢٠٨ ، وخزانة البغدادي : ١ / ٥٣١ ، وعيون الأخبار : ١ / ٢٢٦ ، والأعلام : ٣ / ٤١).
(٢٤) أبو جهل : هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي ، أشد الناس عداوة للنبي صلىاللهعليهوسلم في صدر الإسلام ، وأحد سادات قريش وأبطالها ودهاتها في الجاهلية. قال صاحب عيون الأخبار : سوّدت قريش أبا جهل ولم يطرّ شاربه فأدخلته دار الندوة مع الكهول ، أدرك الإسلام ، وكان يقال