.................................................................................................
__________________
وفضائل قريش كثيرة ، ولقد بلغ من تعظيم العرب لمكة أنهم كانوا يحجّون البيت ويعتمرون ويطوفون ، فإذا أرادوا الانصراف أخذ الرجل منهم حجرا من حجارة الحرم ، فنحته على صورة أصنام البيت فيحض به في طريقه ويجعله قبلة ويطوفون حوله ويتمسحون به ويصلّون له تشبيها له بأصنام البيت ، وأفض بهم الأمر بعد طول المدة أنهم كانوا يأخذون الحجر من الحرم فيعبدونه ، فذلك كان أصل عبادة العرب للحجارة.
قال أهل الإتقان من أهل السّير (٤٥) : إن إبراهيم الخليل لما حمل ابنه اسماعيل عليهماالسلام ، إلى مكة ، جاءت جرّهم وقطوراء وهما قبيلتان من اليمن وهما ابنا عمّ ، وهما جرهم بن عامر بن سبأ بن يقطن بن عامر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليهالسلام.
فرأيا بلدا ذا ماء وشجر فنزلا ، ونكح اسماعيل في جرهم ، فلما توفي ولي البيت بعده نابت بن إسماعيل وهو أكبر ولده ثم ولي بعده مضاض بن عمرو الجرهمي خال ولد إسماعيل ما شاء الله أن يليه.
ثم تنافست جرهم وقطوراء في الملك وتداعوا للحرب فخرجت جرهم من قيقعان (٤٦) وهي أعلى مكة وعليهم مضاض بن عمرو ، وخرجت قطوراء من أجياد (٤٧) وهي أسفل مكة وعليهم السّميدع ، فالتقوا بفاضح (٤٨) واقتتلوا
__________________
(٤٥) معجم البلدان : ٥ / ١٨٥.
(٤٦) قيقعان : منطقة تقع في أعلى مكة سمي هكذا لقعقعة السلاح فيه.
(٤٧) أجياد : جبل بمكة قال عمر بن أبي ربيعة :
هيهات من أمة الوهّاب منزلنا |
|
لما نزلنا بسيف البحر من عدن |
وجاورت أهل أجياد فليس لنا |
|
منها سوى الشوق أو حظ من الحزن |
(٤٨) موضع قرب مكة عند أبي قبيس ، كان الناس يخرجون إليه لحاجتهم.