فتقول : الهندات يقمن ، والهنود يقمن قال تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ) (البقرة : ٢٣٣) (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ) (البقرة : ٢٢٨) هذا هو الأكثر. وقد جاء في القرآن بالإفراد ، قال تعالى : (وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) (آل عمران : ١٥) ولم يقل : «مطهرات».
وأما جمع غير العاقل ففيه تفصيل : إن كان للكثرة أتيت بضميره مفردا ، فقلت : الجذوع انكسرت ، وإن كان للقلة ، أتت جمعا. وقد اجتمعا في قوله [تعالى] : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ) (التوبة : ٣٦) إلى أن قال : (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) (التوبة : ٣٦) فالضمير في «منها» يعود إلى «الاثني عشر» وهو جمع كثرة ، ولم يقل «منهن» ، ثم قال سبحانه : (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) (التوبة : ٣٦) فهذا عائد إلى الأربعة ، وهو جمع قلة.
(فإن قيل) : فما السرّ في هذا حيث كان يؤتى مع الكثرة بضمير المفرد ، ومع القلة بضمير الجمع؟ وهلاّ عكس؟ (قلنا) : ذكر الفراء له سرّا لطيفا ، فقال : لما كان المميّز من (١) جمع الكثرة واحدا ، وحدّ الضمير لأنه من أحد عشر يصير مميزه واحدا ، وهو الدرهم (٢) ، وأما جمع القلة فمميّزه جمع ، لأنّك تقول : ثلاثة دراهم ، [أربعة دراهم] (٣) ، وهكذا ، إلى العشرة تمييزه جمع ، فلهذا أعاد الضمير باعتبار المميّز جمعا وإفرادا ، ومن هذا قوله سبحانه : (سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) (لقمان : ٢٧) فأتى بجمع القلة ولم يقل : «بحور» لتناسب نظم الكلام ؛ وهذا هو الاختيار في إضافة العدد إلى جمع القلّة.
٤ ـ / ٢٤ وأما قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (البقرة : ٢٢٨) فأضاف الثلاثة إلى القروء ، وهو جمع كثرة ، ولم يضفها إلى الأقراء التي هي جمع قلة. قال الحريري (٤) : المعنى : لتتربّص كلّ واحدة منهن (٥) ثلاثة أقراء ، فلمّا أسند إلى جماعتهنّ [ثلاثة] (٦) ـ والواجب على كل فرد (٧) منهن ثلاثة ـ أتى بلفظ «قروء» لتدل على الكثرة المرادة ، والمعنى الملموح.
__________________
(١) في المطبوعة (مع).
(٢) تصحفت في المطبوعة إلى (أندرهم).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) هو القاسم بن علي بن محمد ، تقدم التعريف به في ١ / ١٦٤.
(٥) في المخطوطة (من المطلقات).
(٦) ليست في المطبوعة.
(٧) في المخطوطة (واحد).