الشخص الذى يرتدى ملابس الإحرام ، أو إن شئت فقل المحرم ، لا يضطر إلى الامتناع عن أطعمة بعينها ، مثلما كان يفعل سكان الجزيرة العربية القدامى ، الذين كانوا لا يأكلون الزبد هو وبعض الأطعمة الأخرى أثناء ارتداء ملابس الإحرام ، لكن المحرم مطلوب منه أن يتحشم ، ولا يسب أو يلعن ، أو يتشاجر ، وألا يقتل أى نوع من الحيوانات ، ولا حتى ذبابة عندما تحط على جسده ، وألا يتصل بالجنس اللطيف. إحرام النساء عبارة عن عباءة تلفها المرأة حول جسمها ، وقناع لا يظهر منه سوى عينيها ، وطبقا للشرع فإن أيادى النساء وأرجلهن تكون مغطاة ، لكنهن يهملن هذا الشرط.
على الرغم من أن رفاقى ، أو بالأحرى الجنود الأرناءوط ، كانوا مثلى يقصدون مكة ، فإنهم رأوا أن مسألة ارتداء ملابس الإحرام تعد أمرا غير ضرورى ، على الرغم من أن الشرع ، كما سبق أن أوضحت ، يحتم على كل من يقصد المدينة المقدسة فى أى وقت من الأوقات أن يكون مرتديا ملابس الإحرام (*).
بقينا مدة ساعة فوق قمة جبل قورة ، ثم نزلنا من فوق الجبل فى المساء. اضطرتنا زخة من زخات المطر إلى اللجوء إلى كهف واسع على جانب الطريق ، وهذا الكهف يلجأ إليه رعاة الغنم فى مثل هذه الظروف ، وهؤلاء الرعاة هم من قبيلة هذيل ، ووصلنا بعد غروب الشمس إلى كهوف القهوة ، سالفة الذكر ، الموجودة على جانب الجبل ، وهذا المكان تحط فيه قوافل مكة رحالها. شببنا نارا كبيرة ، واستأجرنا من العرب إناء فخاريا سلقنا فيه شيئا من الأرز لتناول العشاء. أدى السير الطويل ، والمطر ، وكذلك الغطاء الخفيف الذى أرتديه ، إلى إصابتى بحمى خفيفة ، لكنى أحسنت تغطية نفسى أثناء الليل وكنت فى صحة جيدة ، فى صباح اليوم التالى. أدى تغيير الهواء ، أثناء رحلتى إلى الطائف ، هو والمناخ البارد نسبيا فى ذلك المكان ، كل ذلك أدى
__________________
(*) هو رأى جانبه الصواب لأن الإحرام مقصور فقط على كل من قصد الحج أو العمرة لكن دخول مكة بدون نية الحج أو العمرة لا يستوجب الإحرام. (المراجع)