إلى شفائى من آثار المرض الشديد الذى أصابنى فى جدة. أثناء الليل وصل قاضى مكة قادما من الطائف.
اليوم الثامن من شهر سبتمبر. مع طلوع النهار ذهبت لزيارة القاضى ، وكان يدخن الشيشة ويشرب القهوة ، وكان الرجل بذلك يأتى الرخصة الخاصة بإفطار المسافر فى رمضان ، وبناء على الاتفاق الذى تم بيننا فى الطائف ، تقرر لى أن أصحبه وهو فى طريقه إلى مكة ، وهنا وجدتنى مضطرا إلى الانضمام إليه ومرافقته ، لكنى كنت معارضا تماما للاستمرار معه ، وسبب ذلك هو خوفى من أن يصطحبنى الرجل معه إلى منزله فى مكة ، لأضع نفسى من جديد فى موقف شبيه بذلك الموقف الذى تعرضت له فى الطائف والذى لم يكن مريحا. بدا أيضا على القاضى أنه لم يكن على استعداد لتحمل مشاق ومصاريف ضيف يحل عليه ، والسبب فى ذلك أننى عندما أعربت عن مخاوفى التى مفادها أن حمارى المتعب لن يستطيع مسايرة بغله المتين ، بادرنى الرجل برده الذى يقول : إنه يتطلع إلى لقائى فى مكة تحت أى ظرف من الظروف. وهنا رحلت بصحبة الجنود الأرناءوط ، تاركا القاضى ينال قسطا أكبر من الراحة. أمضينا ساعات الظهيرة فى كوخ القهوة الذى يسمونه شداد ، حيث كان بعض البدو يسلون أنفسهم بالرماية على هدف سبق أن حددوه ، كشف هؤلاء البدو عن مهارة كبيرة فى الرماية ، فقد كانوا قادرين على إصابة القرش ، الذى وضعته أمامهم على مسافة أربعين ياردة.أكواخ القهوة هذه لا يحصل المرء منها على شىء سوى القهوة والماء. القهوة هنا لا تقدم فى أكواب منفردة ، كما هو الحال فى معظم بلدان الليفانت (الشرق) ، لكن كل من يطلب القهوة يحصل على وعاء فخارى صغير ملىء بالقهوة الساخنة يجرى وضعه أمامه ، ويحتوى على ما يتردد بين خمسة عشر كوبا وعشرين كوبا من القهوة ، هذه الكمية يشربها المسافر ثلاث مرات أو أربع مرات يوميا. هذه الأوانى الفخارية يسمونها هنا مشربه (انظر شكل هذه المشارب فى المخطط التوضيحى).
يحشر صاحب المقهى فى فوهة هذا الإناء قبضة من العشب الجاف ، يجرى من خلالها رشف السائل أو صب السائل. لقد سبق أن شربتها بإفراط فى هذا الجزء من