الجزيرة العربية ، ويقال إنه أشد من ذلك فى الجنوب ، وفى المناطق القريبة من مناطق إنتاج البن.
على الطريق الذى يبدأ من شداد ، والذى يمتد بطول السهول المنخفضة ، فيما بين الجبال الحارة ، فاجأتنا زخة من زخات المطر العاتية والمصحوبة بالبرد ، الأمر الذى أجبرنا على التوقف ، وما هى إلا فترة قصيرة حتى انهمر الماء نازلا على شكل سيول من الجبال ، وعندما توقف سقوط المطر ، بعد حوالى ساعة تقريبا ، اكتشفنا أن المطر الذى كان لا يزال مستمرا ، كان قد غطى وادى النومان بصفحة من الماء عمقها ثلاثة أقدام ، فى حين كانت هناك أنهار تعذر معها عبور الطريق فى بعض مواقعه. فى مواجهة المواقف التى من هذا القبيل كان يتعذر علينا التقدم أو التراجع ، إدراكا منا أن تيارات ومجار مماثلة قد تكونت من خلفنا ، وهنا اتخذنا لأنفسنا موقعا على جانب الجبل ، إيمانا منا بأن الماء لن يجرفنا من هذا المكان ، كما نستطيع البقاء فيه إلى أن تمر العاصفة. ومع ذلك ، بدأت المياه تتساقط من كل جوانب الجبال ووصل الأمر إلى حد حدوث فيضان عام ، كل ذلك والمطر المصحوب بالرعد والبرق مستمر بعنف لا ينتهى. شاهدت القاضى ، الذى غادر شداد بعدنا ، من على بعد ، يفصله عن جماعتنا سيل عميق ، فى حين اضطرت بعض نسائه اللاتى كن يركبن البغال إلى البقاء بعيدات عنه بمسافة كبيرة. بقينا فى ذلك الوضع السيئ مدة ثلاث ساعات ، توقف المطر بعدها وسرعان ما انحسرت السيول ، لكن كان من الصعب على حميرنا المشى فى أرض زلقة يغطيها الماء ، الأمر الذى اضطرنا إلى النزول من فوق الحمير ورحنا نسوقها أمامنا ، إلى أن وصلنا أرضا أكثر ارتفاعا. كان القاضى وجماعته مضطرين على فعل الشىء نفسه. عندئذ دخل علينا الليل ، وغلفتنا السماء الملبدة بالسحب بظلام دامس ، لكنه بعد مسير مغامر استمر ثلاث ساعات أو أربع ، كنا خلالها نتعثر فى كل خطوة ، وصلنا أخيرا إلى مقاهى عرفات ، الأمر الذى جعل رفاقى يتنفسون الصعداء ، هؤلاء الجنود الذين كانوا يخشون على أكياس نقودهم من السطو واللصوص. أنا بنفسى لم أكن أقل منهم سعادة ، إذ كنت بحاجة إلى إشعال النار بعد أن تشبعت ملابسى بالماء بفعل