الموجود أمام المسجد الحرام ، الذى يهب عليه نسيم بارد بصفة دائمة ، كنت أجلس فى هذا الميدان على سجادة كان عبدى يفردها لى ، وأروح أفكر فى أقاليم بعيدة ، فى الوقت الذى يكون الحجاج فيه مشغولين بالصلاة والطواف حول الكعبة.
فى الطرف الشرقى من السويقة يتغير اسم الشارع إلى شارع الشامية ، الذى ينطبق أيضا على العديد من الشوارع الفرعية على الجانبين ، ونجد أن الشوارع الواقعة على الجانب الأيمن تفضى إلى الجبل ، أما الشوارع الواقعة على الجانب الأيسر فتفضى إلى المسجد الحرام. عند نهاية شارع الشامية نجد الشارع يفتح على حى الشبيكة وباب العمرة. هذا الجزء من المدينة جيد البناء ، ولا يسكنه سوى التجار الأثرياء ، أو العلماء الذين تربطهم صلة بالمسجد الحرام. هناك قلة قليلة من الدكاكين فى الشارع الرئيسى ، لكن فى موسم الحج يتزايد عدد هذه الدكاكين ، التى يعرض فيها التجار السوريون منتجات بلادهم ومصنوعاتها وهذا هو السبب وراء تسمية الشارع باسم شارع الشامية. فى هذه الدكاكين تعرض المنسوجات الحريرية القادمة من دمشق وحلب ، كما يباع أيضا قماش الكمبريس الذى يصنع فى حى نابلس ، وتباع أيضا فى هذه الدكاكين الخيوط الذهبية والفضية التى تأتى من حلب ، كما تبيع هذه الدكاكين أيضا غتر البدو ، التى يسمونها كوفية ، التى تصنع من خامات بغدادية ودمشقية ، نجد أيضا فى هذه الدكاكين الحرير اللبنانى ، والسجاد الفاخر الذى يأتى من الأناضول ومن البدو التركمان ، وتبيع هذه الدكاكين أيضا العباءات التى تأتى من حماه ، ونجد أيضا فى هذه الدكاكين الفواكه المجففة وقمر الدين الذى يأتى من دمشق ، وتبيع هذه الدكاكين أيضا البستاسيوس الذى يأتى من حلب إلخ. من بين السوريين كلهم ، الذين فى مكة ، لم أكتشف مطلقا أنى لم أر أى أحد منهم أو أعرفه فى بلده ، اللهم باستثناء ولد شيخ (رئيس) تدمر الذى لم يعرفنى ، فقد جاء هذا الابن ومعه مائتى جمل أو ثلاثمائة جمل ، لكى يقوم بنقل أمتعة باشا دمشق.