الأركان الأربعة للكعبة مغطاة بجريد أسود اللون ، يتدلى نحو الأسفل تاركا سطح الكعبة عاريا (*) ، هذه الستارة ، أو الغطاء يسمونه كسوة ، ويجرى تجديد هذه الكسوة كل عام فى موسم الحج ، إذ يجرى إحضارها من القاهرة ، التى يجرى صنعها فيها لحساب الباب العالى (**) ، الكسوة مطرز عليها أدعية عدة من لون القماش نفسه ، وبالتالى يصبح من الصعب جدا قراءة تلك الأدعية. فوق منتصف الكسوة ، ومن حول المبنى كله يوجد خط مماثل من النقوش ، المصنوعة من الخيوط الذهبية. ذلك الجزء من الكسوة الذى يغطى الباب مطرز بالفضة تطريزا كثيفا. يوجد فى الكسوة فتحات للحجر الأسود والحجر اليمانى الموجود فى الركن الجنوبى الشرقى ، الذى يظل مكشوفا. شكل الكسوة ثابت دوما من حيث الشكل والطراز ، الكسوة التى رأيتها على الكعبة عند زيارتى الأولى للمسجد الحرام ، كانت متحللة ومليئة بالثقوب. فى اليوم الخامس والعشرين من شهر ذى القعدة يجرى رفع الكسوة القديمة ، وتظل الكعبة بلا كسوة طوال خمسة عشر يوما. ويقال بعد ذلك إن الكعبة تحرم «بمعنى أن الكعبة ترتدى ملابس الإحرام ، ويستمر ذلك إلى اليوم العاشر من شهر ذى الحجة ، يوم عودة الحجاج من عرفة إلى وادى منى ، وهو اليوم الذى يجرى فيه وضع الكسوة الجديدة على الكعبة ، فى الأيام الأولى ، يجرى رفع الغطاء الجديد بواسطة حبال مثبتة فى السقف ، حتى يظل الجزء الأسفل من المبنى مكشوفا : وبعد أن تظل الكعبة مكشوفة هكذا بضعة أيام ، يجرى إنزال الكسوة لتغطى البناية كلها ، إذ يجرى ربط الكسوة إلى حلقات من النحاس الأخضر مثبتة فى الأرض. رفع الكسوة القديمة عن الكعبة كان يجرى بطريقة غير لائقة ، وكان الحجاج يتصارعون هم وأهل مكة حول هذا الموضوع ،
__________________
(*) كان الوهابيون خلال عامهم الأول فى مكة قد غطوا الكعبة بكسوة حمراء جرى صنعها فى الأحساء من القماش نفسه الذى تصنع منه العباءات العربية الفاخرة.
(**) فى القرن الأول الإسلامى لم يكن يجرى رفع الكسوة القديمة مطلقا ، وإنما كان يجرى وضع الكسوة الجديدة فوق القديمة لكن المكيين بدءوا يخشون من أن تنوء الكعبة بحمل هذه الأثقال من الكسوة ، وقام الخليفة المهدى أبو عبد الله بإزالة هذه الاغطية فى العام ١٦٠ الهجرى. (راجع المقريزى).