هذا الصراع نفسه كان يدور بين الكبار والصغار ، من أجل الحصول على مجرد قطع صغيرة من تلك الكسوة. الحجاج يجمعون أيضا التراب والغبار الذى يعلق بجدران الكعبة ، من تحت الكسوة ، ويبيعونه ، عند عودتهم إلى بلادهم باعتبار ذلك تذكارا مقدسا. فى اللحظة التى يجرى فيها تغطية الكعبة ، وعندما تكون عارية تماما (عريان Ureyan على حد قولهم) ، تتجمع مجموعة من النساء حول الكعبة ، وهن «يزغردن».
اللون ايلأسود للكسوة التى تغطى هذا المكعب الكبير الذى يقع فى منتصف ميدان واسع ، يضفى على الكعبة ، منذ الوهلة الأولى ، مظهرا فريدا وجليلا ، ونظرا لعدم تثبيث ذلك الغطاء من الأسفل تثبيتا محكما ، فإن أقل حبات النسيم تجعل الغطاء يتحرك على شكل تموجات بطيئة ، يحييها الجمهور المصلين المتجمعين حول المبنى بالدعاء والابتهال ، باعتبار أن ذلك الاهتزاز دليل على وجود الملائكة ، الذين تتسبب حركة أجنحتهم فى اهتزاز غطاء (كسوة) الكعبة. هناك سبعون ألف ملك يحرسون الكعبة ، وهم مأمورون بنقلها إلى الجنة ، يوم أن ينفخ فى الصور.
مسألة كسوة الكعبة عادة قديمة منذ أيام العرب الوثنيين. يقول الأزرقى : إن الكسوة الأولى قام بوضعها على الكعبة أسد توبا ، أحد ملوك حمير فى اليمن. قبل مجىء الإسلام كان للكعبة غطاءان أو كسوتان إن صح التعبير ، إحداهما للشتاء والثانية للصيف. فى عصور الإسلام الأولى ، كانت الكسوة بيضاء فى بعض الأحيان وحمراء فى أحيان أخرى ، وكانت تصنع من أفضل الأقمشة المقصبة أو المطرزة. فى الأزمان التى تلت ذلك كان سلاطين بغداد ، أو مصر ، أو اليمن هم الذين يقدمون الكسوة فى ضوء نفوذهم على مكة ، ذلك أن كسوة الكعبة كانت تعد دوما إشارة إلى السيادة على الحجاز ، وقد استأثر قلاوون ، سلطان مصر ، هو ومن جاءوا بعده بذلك الحق ، وورثه عنهم سلاطين إسطنبول ، وقد خصص قلاوون ريع القريتين