جهة الشمال ، يفتح على الغرفة التى تحتوى على بئر زمزم. هذه الغرفة مزينة بزينات جميلة مصنوعة من رخام متنوع الألوان ، وبجوار هذه الغرفة ، توجد غرفة صغيرة ، لها باب منفصل ، هذه الغرفة فيها مستودع أو خزان مصنوع من الحجر ، يظل ممتلئا بالماء بصورة مستمرة ، يفد على هذا الحوض الحجاج ليشربوا من ماء زمزم ، عن طريق تمرير أيديهم بكوب من خلال فتحة فى مصبّع من الحديد ، على شكل شباك لذلك الحوض ، دون الدخول إلى الغرفة. فوهة بئر زمزم محاطة بجدار ارتفاعه خمسة أقدام ، وقطره حوالى عشرة أقدام. فوق هذه الفتحة يقف أولئك الرجال الذين يجلبون الماء من البئر ، فى دلاء من الجلد ، وتوجد شبكة من القضبان الحديدية لمنع سقوط الدلاء فى البئر. فى زمن الفاسى كانت هناك ثمانية أوعية رخامية فى تلك الغرفة ، لأغراض الوضوء.
تظل غرفة البئر مليئة بالزائرين من قبل طلوع الفجر إلى منتصف الليل تقريبا. وكل واحد من هؤلاء الزوار يكون حرا فى جلب الماء لنفسه ، لكن العمل يقوم به عادة أشخاص جرى وضعهم عند البئر للقيام بهذا العمل ، والمسجد هو الذى يدفع لهم أجورهم ، هؤلاء العمال يحصلون على مبالغ هزيلة من أولئك الذين يأتون للشرب من ماء زمزم ، على الرغم من أن هؤلاء العمال لا يجرءون على طلب هذه المبالغ الهزيلة. وأنا شخصيا دخلت هذه الغرفة أكثر من مرة ، وبقيت فيها قرابة ربع ساعة قبل أن أتمكن من الحصول على شربة ماء ، كان فى الغرفة جمع كبير من الناس. الحجاج شديدى القدمين قد يقفون فى بعض الأحيان على الجدار ويروحون يجلبون الماء عن طريق سحب الدلو ، وعلى امتداد ساعات عدة ، أملا فى التكفير عن خطاياهم.
قبل الغزو الوهابى كانت بئر زمزم تابعة للشريف ، وبذلك يعد ماؤها محتكرا ، وكان يجرى شراؤه بثمن غال. لكن من بين الأوامر التى أصدرها سعود بعد أن وصل إلى مكة ، هو منع هذا الاحتكار وهذا الاتجار ، وأصبح الماء المقدس يعطى للناس مجانا. الأتراك ينظرون إلى عدم تناقص مياه زمزم على أنه من قبيل المعجزات ، وذلك على الرغم من استمرار الشرب من هذا الماء ، المؤكد فعلا أن عمق البئر لا يقل أو يتناقص ،