بذلك أكون قد وصفت كل البنايات الموجودة داخل مسور المسجد الحرام (*).
الأرض الزلطية ، هى وجزء من الرصيف الخارجى المجاور للكعبة ، تجرى تغطيتها ، عند صلاة المغرب ، بسجاد يصل طول الواحدة منه حوالى ستين قدما أو ثمانين ، وعرض الواحدة منه حوالى أربعة أقدام ، مصنوع فى مصر ، ويجرى طى ذلك السجاد بعد أداء الصلاة. القسم الأكبر من الحجاج يحضرون معهم سجاجيدهم الخاصة. أما الأجزاء البعيدة من المسجد الحرام ، وكذلك أرضية بهو الأعمدة فيجرى فرشها بالحصير الذى يجرى جلبه من سواكن ، هذا الجزء سالف الذكر من المسجد الحرام هو المكان الذى تؤدى فيه صلاة الظهر وصلاة العصر. عدد كبير من ذلك الحصير يقدم للمسجد على شكل هدايا بواسطة الحجاج ، ومقابل ذلك يرى هؤلاء الحجاج أسماءهم مكتوبة بأحرف كبيرة على ذلك الحصير.
عند غروب الشمس ، تتجمع أعداد كبيرة من الناس لأداء صلاة المغرب ، وهم يتشكلون على هيئة دوائر متعددة ، يصل عددها فى بعض الأحيان إلى عشرين دائرة حول الكعبة ، باعتبارها مركزا عاما يتعين على كل إنسان أن يركع أمامها ، وعلى حد قول فقهاء الدين الإسلامى وعلمائه ، فإن مكة تعد المكان الوحيد فى الدنيا كلها ، الذى يستطيع المؤمن الحق فيه ، أن يتجه فى صلاته إلى أية نقطة من نقاط البوصلة. الهندى يمكن أن يتخذ لنفسه مكانا عند بوابة الكعبة ، وهنا يقوم الجمع الموجود كله بتقليد ومحاكاة انحناءات أو بالأحرى ركوع وسجود هذا الآدمى. التأثير الناتج عن الركوع
__________________
(*) مخطط الأرض الخاص باستخدام المسجد الحرام ، والذى ورد عند على بك العباسى صحيح تماما ، ونحن لا يمكن أن نقول ذلك عن المخطط الذى أورده لمكة ، ولا نوافقه على آرائه عن الحجاز ، ومن يقارن وصفى بوصفه يستطيع الوصول إلى نقاط الخلاف فيما يتعلق بالحرم وبالمدينة وبسكانها ، وقد وصل كتابه إلىّ بعد عودتى من الجزيرة العربية. الرأى الذى أورده «دى أوهسون» فى كتابه القيم ، رأى شائع ومقبول فيما عدا قوله إن الكعبة كبيرة جدا قياسا على بقية المبنى. رأيه فى مدينة مكة ، على العكس من ذلك يعد رأيا غير صادق أو أمين. والمنظر الخاص بالمدينة ، والذى ورد عند نيبور ، الذى أخذه من رسم عربى قديم ، أقل دقة من ذلك المنظر الذى وصفه «دى أوهسون» يبدو أن المنظر الأصلى قد جرى وصفه قبل التغييرات الأخيرة التى جرت فى البنايات الخاصة بالمسجد الحرام.