فى أية ساعة من ساعات اليوم يمكن أن نرى الناس فى بهو الأعمدة مشغولين بقراءة القرآن والكتب الدينية الأخرى ، وهنا نرى كثيرا من الهنود الفقراء ، أو الزنوج يفردون حصيرهم ، ويمضون فترة مقامهم فى مكة. هنا ، فى الحرم ، تراهم يأكلون وينامون ، لكن الطبخ غير مسموح به ، وفى ساعات الظهيرة ، يأتى أشخاص كثيرون لنيل قسط من الراحة فى ظلال ذلك القسم الذى تعلوه القباب فى بهو الأعمدة ، هذه العادة لا تفسر فقط طريقة الإنشاء المتبعة فى المساجد الإسلامية القديمة فى كل من مصر والجزيرة العربية ، وإنما تفسر أيضا طريقة بناء الأبهاء المعمدة ، فى المعابد المصرية القديمة ، التى ربما تركت مفتوحة للمواطنين عبّاد الأصنام ، الذين لم توفر لهم بيوتهم المبنية من الطين سوى ملجأ بسيط جدا يحميهم من حرارة الظهيرة الشديدة.
المساجد الكبيرة فى هذه البلدان ، تشارك فى مواعيد الصلاة ، فى هذا العمل المقدس ، هذه المساجد تعد هى الأخرى أماكن طاهرة مخصصة للصلاة. فى الأزهر ، أول مساجد القاهرة وأهمها شاهدت صبية صغار يحملون فطيرا يعرضونه للبيع ، ورأيت حلاقين يحلقون لزبائنهم ، وشاهدت أيضا كثيرا من أفراد الطبقات الدنيا يتناولون غذائهم ، فى حين نجد الناس أثناء الصلاة لا يتحركون أو يهمسون مركزين انتباههم فى الصلاة ، ولا يسمحون لأى شىء أن يصرفهم عنها. أثناء الصلاة لا تسمع أى صوت سوى صوت الإمام فى المسجد الحرام فى مكة ، الذى يستخدم فى غير أوقات الصلاة مكانا لاجتماع التجار ورجال الأعمال الذين يناقشون شئونهم وأمورهم ، وفى بعض الأحيان الأخرى قد يمتلئ الحرم المكى بالحجاج الفقراء ، أو المرضى الذين يفترشون الأرض فى أنحاء مختلفة من بهو الأعمدة ، وسط أمتعتهم البائسة ، الأمر الذى يجعل المسجد الحرام شبيها بالمستشفى وليس مسجدا. الصبية يلعبون فى الميدان الكبير ، وخدم المسجد ينقلون الأمتعة عبر هذا الميدان ، من باب اختصار الطريق بين أطراف المدينة المختلفة. والمسجد الحرام فى مكة يصبح شبيها بالمساجد الشرقية الكبيرة فى هذه الأمور. ومع ذلك فإن الكعبة المشرفة تعد مسرحا لكثير من التجاوزات