للحرم ، وكان الهدف منها أن تكون مدارس عامة ، لأن الاسم الذى يطلق على هذه المنازل هو المدارس : هذه الأماكن يجرى حاليا تأجيرها كلها للحجاج. كان محمد على باشا يعيش فى واحد من هذه المنازل الكبيرة ، وكان حسان باشا يعيش فى منزل آخر من هذه المنازل (*).
توجد بالقرب من باب إبراهيم مدرسة كبيرة ، هى حاليا من ممتلكات سيد عقيل ، أحد كبار تجار مكة ، الذى يفتح متجره على المسجد. هذا الشخص كبير السن يتمتع بسمعة طيبة وطاهرة ، ويقال إن يد الشريف حينما حاولت أن تمتد إليه بالأذى ، عندما رفض ذات مرة تقديم شىء من المال للشريف ، يقال إن تلك اليد أصيبت بشلل مؤقت.
هذا الرجل تنعقد فى بيته كل مساء جمعيات يقوم أفرادها بمناقشة الموضوعات الدينية وقراءة الكتب الدينية أيضا (**).
المحكام من بين البنايات الأخرى التى تشكل مسور المسجد الحرام ، والمقصود
__________________
(*) من بين هذه المنازل منزل جميل (مدرسة) فى مكة جرى بناؤه بأوامر من قايتباى ، سلطان مصر فى العام ٨٨٨ الهجرى ، فى جانب الحرم المواجه لشارع المسعى ، هذا المنزل تحول هو الآخر إلى منزل خاص بعد أن جرى تجديد ذلك المنزل من عوائده بواسطة الأوصياء عليه. كانت هناك علاوة على المدارس بنايات أخرى صغيرة أقامها سلاطين مصر الآخرين هم وسلاطين إسطنبول لأغراض مشابهة ، يسمونها الرباط ، الذى يمكن أن يقيم فيه الحجاج الفقراء الذين يودون الدراسة فى المسجد الحرام ، ولكن هذه البنايات آلت إلى ما آلت إليه المدارس ، وأصبحت حاليا ملكا للمكيين ، أو تؤجر بعقود طويلة الأجل لأشخاص من قبل المسجد ، وتستخدم مساكن عامة.
(**) ابن عم هذا الرجل هو القرصان الشهير المدعو سيد محمد العقيل ، هذا القرصان ارتكب كثيرا من العدوان الصارخ على سفن أوروبية فى البحر الأحمر ، بل وصل به الحد إلى لعن العلم الإنجليزى. فى بداية العام ١٨١٤ الميلادى كان سيد محمد العقيل قد استدعى إلى جدة ، وعرضوا عليه الدخول فى خدمة محمد على باشا ، الذى يقال إنه فى ذلك الوقت كان يضمر شرا لليمن. قدم الباشا لسيد محمد عقيل هدايا قيمة ، إما على أمل ضمه إلى خدمته ، أو تقربا منه لنيل صداقته ، لكن القرصان رفض عروض الباشا. كان الرجل قد جمع ثروة طائلة ، كانت للرجل منشآت فى كل ميناء من الموانئ فى البحر الأحمر ، وكان بحارته وجنوده معجبين به لسخائه وكرمه. سيد محمد عقيل هذا استطاع مثل ولد عمه فى مكة ، أن يجعل الناس يصدقون أنه موهوب بقوى خارقة وغير طبيعية.