ونحن إذا ما عدنا إلى الجزء الثانى من الكتاب ، وبالتحديد فى صفحتى ٢٨٧ و ٢٨٨ نجد أن هناك ملاحظة خاصة بالاستعمالات المختلفة للاسم «حجاز» بين هؤلاء الذين يسكنون ساحل البحر ، وأولئك البدو الذين يعيشون فى الداخل ، ويتبدى لنا أن هناك شكوكا حول عدم دخول المدينة [المنورة] ضمن نجد باعتبارها أقرب إلى الحجاز.
محاولة تتبع حدود أى بلد من البلدان تتبعا دقيقا باستخدام العبارات القديمة التى من هذا القبيل لا تفضى إلى شىء وتبوء بالفشل ، ذلك الإقليم الذى يقع على حدود البحر الأحمر ، والذى نعرف أن المواطنين يطلقون عليه بشكل بيّن اسم «الحجاز» ، موقّع على خرائطنا ، وفى الخرائط المنشورة بهذا الاسم وحده ، وأول حرف من هذا الاسم يوضع فى المكان الذى يقصد به المعد منطقة الحجاز ، أما الحرف الأخير فهو يضعه فى المكان الذى يفصل الحجاز عن تهامة (*).
وأنا هنا أزكى لمن يبحثون عن أدق المعلومات الخاصة بالأماكن التى لا يعرف الناس عنها سوى النزر اليسير ، ذلك السفر الذى وضعه بوركهارت ، هو والبلاد التى أتى الرجل على وصفها فى هذا الكتاب ، يقول السير وليام جونز : «منذ زمن [سيدنا] سليمان ، وإلى يومنا هذا ، لا تزال سلوكيات عرب الحجاز مستمرة ومتواصلة ، مع ذلك يتعين على من يقرأ هذا التصدير ألا يتراجع عن تتبع رواية بوركهارت الأصلية والمهمة عن الأماكن التى زارها ، وروايته عن الطقوس غير العامية التى شهدها ، وروايته أيضا عن البشر الذين عاش بينهم منتحلا شخصية المسلم» (**).
__________________
(*) فى كتابه المعنون «أسفار سورية» ، وفى الصفحة رقم ٥١١ يقتبس بوركهارت عن المقريزى ، المؤرخ المصرى قوله فى الفصل الذى أورده عن عيلةAila (أى العقبة): «من هذه المنطقة يبدأ الحجاز ، فى الزمن السابق كان ذلك أحد الحدود الخاصة بالإغريق ، إلخ».
(**) الإمبراطورية الرومانية ، الفصل رقم ٥٠ ، ملاحظة رقم ١٨.