عليهم ، أو نزحوا عن المدينة نتيجة الحروب المتكررة. حاليا لا يوجد فى مكة سوى ثلاث عائلات فقط ، هم أحفاد تلك القبيلة العريقة التى كانت تحمل هذا الاسم ، وعميد عائلة من تلك العائلات الثلاث هو ما يسمونه «النائب» ، أو راعى المسجد ، أما العائلتين الأخريين فهما من الفقراء ، والعائلتان أيضا مرتبطتان بخدمة المسجد. المنطقة المجاورة لسوق جدة الكبير ، المحطة السنوية التى تجىء إليها القوافل الضخمة كل عام ، هى والبيت العتيق ، انضم إليها أو التحق بها عدد كبير من الغرباء ليقوموا بالدور الذى كان الفرنسيون يقومون به. فى كل موسم من مواسم الحج يتخلف بعض الحجاج ، والمسلم إذا ما أقام واستقر بصورة دائمة فى مكان من الأماكن يجد نفسه مقتنعا بالزواج ، ويتخذ لنفسه زوجا من المكان الذى يقيم فيه ، الأمر الذى يجعله يرتبط بذلك المكان ويقيم فيه إقامة دائمة. من هنا نجد أن السواد الأعظم من المكيين هم أحفاد الأجانب جاءوا إلى مكة من مختلف أصناف الأرض ، ونجد أيضا أن هؤلاء الأحفاد اكتسبوا السلوكيات العربية ، وعن طريق الزواج من المواطنات المكيات أنجبوا عرقا لا يمكن تمييزه عن سكان الجزيرة العربية الأصليين. ونحن عندما سألنا أصحاب الدكاكين ، والتجار ، والعلماء ، والمطوفين ، بل وأناسا آخرين مختلفى المشارب ، وجدنا أنهم أبناء الأجانب أو أحفادهم أو من نسلهم ، والنسبة الكبيرة من هؤلاء السكان تنحدر عن أولئك الآباء الذين جاءوا من اليمن وحضرموت ، يلى ذلك هؤلاء الذين هم أحفاد للهنود والمصريين والمغاربة والأتراك ، هناك أيضا مكيون من أصل فارسى ، وهناك أيضا مكيون من أصل تاتارى ، وبخارى ، وكردى ، وأفغانى ، أو من كل أنحاء البلاد الإسلامية إذا ما أردنا اختصار القول. والمكى يحرص أشد الحرص على المحافظة على معارفه التى اكتسبها من بلده الأصلى. مطوفى أو مرشدى أرجع إلىّ أصله إلى تاتارى أوزبكى ، من المنطقة المجاورة لبخارى ، وعندما كان حاج يجىء من هذه المنطقة ، كان لا يفشل مطلقا فى جعل نفسه مرشدا لمثل هؤلاء الحجاج ، على الرغم من أنه يجهل تماما لغة هؤلاء القوم.
مع ذلك ، هناك فرع من سكان الجزيرة العربية القدامى لا يزال باقيا فى مكة ، هذا الفرع يتمثل فى الأشراف ، (باعتبارهم مجموعة مميزة عن أولئك الأشراف الذين