يكون الجو شديد الرطوبة فيها ، حتى مع ارتفاع درجة الحرارة ، وهذا ناتج عن بخار ماء البحر والمستنقعات المتعددة الموجودة على ذلك الشاطئ المنخفض. تصل رطوبة الجو فى جدة حدا ، جعلنى أحس ، ونحن فى شهر سبتمبر ، والجو حار والسماء صافية ، أن ردائى الخارجى قد ابتل تماما ، نظرا لوقوفى مدة ساعتين فى الهواء الطلق. الندى يكون غزيرا جدا أيضا أثناء الليل ، فى شهرى سبتمبر وأكتوبر ، كان الضباب الكثيف يظهر على الشاطئ وساحل البحر ، فى المساء والصباح. أثناء شهور الصيف تهب الريح عادة فيما بين الشرق والجنوب ، ونادرا ما تنحرف غربا ، لكنها قد تنحرف شمالا فى بعض الأحيان. فى شهر سبتمبر ، تهب الرياح الشمالية وتستمر طوال فصل الشتاء ، وفى الحجاز كما هو الحال على ساحل البحر فى مصر تهب الرياح الشمالية الشرقية الأكثر رطوبة عن سائر الرياح الأخرى ، أثناء هبوب الرياح الشمالية الشرقية ، تبدو الأرصفة الداخلية فى المنازل وكأنها مغطاة بالندى.
الأمراض المنتشرة فى المدينتين تكاد تكون واحدة ، ويدخل ساحل الحجاز ضمن بلدان الشرق غير الصحية. تشيع فى المدينتين الحمى المتقطعة بكل أشكالها ، كما تنتشر فيها أيضا الدوسنتاريا ، التى غالبا ما تنتهى بتورمات فى البطن ، وغالبا ما تفضى إلى الموت. قلة قليلة من البشر هم الذين يمضى عليهم عام دون الإصابة بهذه الأمراض ، ولا يستوطن أجنبى كلا من مكة أو جدة ، دون أن يصاب فى بداية إقامته بواحد من هذه الأمراض ، وهذه الحقيقة جرى التأكد منها ، فى الجيش التركى بقيادة محمد على باشا. حمى الالتهابات بكل أنواعها تعد أشياء نادرة الحدوث فى جدة عنها فى مكة ، لكن جدة يشيع فيها نوع من حمى العفن التى قد تبدو معدية ، على حد قول السكان ، وقيل إن خمسين شخصا ماتوا متأثرين بهذه الحمى فى يوم واحد ، وفى الأعوام ٧٤٩ ، ٧٩٣ ، ٨٢٩ ، نقل أشخاص آخرون العدوى إلى المدينة ، وفى العام التالى لهذه العدوى توفى ألف شخص بفعل هذه الحمى. ومع ذلك ، لا تجد هؤلاء المؤلفين يأتون على ذكر الطاعون ، ولا يذكر الطاعنون فى السن أن الطاعون ظهر ذات مرة فى الحجاز ، ومن هنا سرى اعتقاد بين الناس مفاده ، أن المولى سبحانه وتعالى يحمى هذه