الأكواخ أيضا نساء شعبيات كثيرات ، كما يسكن الأكواخ أيضا تلكم النساء اللاتى يبعن ذلك المشروب المسكر الذى يسمونه البوظة. أما السكان المحترمون أصحاب الجاه فيسكنون بالقرب من البحر ، حيث يوجد شارع طويل يمتد موازيا للشاطئ ، وفيه صفوف من الدكاكين ، وفيه أيضا حانات كثيرة لا يتردد عليها بصورة دائمة سوى التجار ، بل وتكاد تكون مقصورة عليهم.
جدة مبنية بطريقة جيدة ، وهى أفضل من أى مدينة تركية أخرى مساوية لها فى الحجم من بين المدن التى سبق أن شاهدتها. شوارع جدة غير ممهدة ، لكنها واسعة ومتجددة الهواء ، والمنازل عالية وكلها مبنية بالحجر الذى يحضرون القسم الأكبر منه من شاطئ البحر ، والمكوّن من المرجان المتشعّب والحفريات البحرية الأخرى. كل منزل من منازل جدة مكون من طابقين وبه نوافذ كثيرة صغيرة ، ولكل نافذة شيش من الخشب يشكل استعراضا جميلا لصناعة خشبية يدوية. عند مدخل كل منزل من المنازل توجد صالة أو ردهة فسيحة ، يجرى فيها استقبال الغرباء ، هذه الردهة تكون رطبة بصورة مستمرة. توزع الغرف فى منازل جدة يكاد يكون هو التوزع نفسه فى المنازل المصرية والسورية ، ولكن بفارق واحد هو أن جدة ليس فيها شقق كثيرة فارهة كما هو الحال فى كل من مصر وسوريا ، اللتين ليس فيهما سوى منازل قليلة جدا مكونة من طابقين ، فى حين تكون الغرف الموجودة فى الطابق الأرضى مرتفعة تماما عن مستوى الأرض ، وبذلك يحدث فى كثير من الأحيان أن غالبية منازل الحجاز تكون حارة ، اللهم إلا باستثناء ردهة المدخل. فى هذه الردهة ، وفى وقت الظهيرة ، يجلس رب البيت ومعه مساعدوه وخدمه أو عبيده لقضاء فترة القيلولة (*). ونظرا لارتفاع تكلفة البناء فى جدة ، فإن الاهتمام بالشكل الخارجى للمبنى لا يعول عليه كثيرا ، إذ يعتمد على الأعمال الشبكية والنوافذ المنخفضة ، هذه المنازل والنوافذ يجرى دهانها بألوان مبهرجة
__________________
(*) على الرغم من أن النسيم العليل لا يهب إلا من ناحية الشمال لا يحاول أهل الجزيرة العربية الاستفادة من ذلك فى منازلهم كما هو الحال عند المصريين الذين يخططون لأن تفتح الغرف الرئيسية على الشمال.
يزاد على ذلك أن فتحات التهوية التى يحدثها المصريون فى شرف منازلهم كى توزع الهواء على المنزل بكامله ، هذه الفتحات غير معروفة فى الحجاز.